شدد : الشدة : الصلابة ، وهي نقيض اللين تكون في الجواهر والأعراض ، والجمع شدد ; عن قال : جاء على الأصل ; لأنه لم يشبه الفعل وقد شده يشده ويشده شدا فاشتد ; وكل ما أحكم فقد شد وشدد وشدد هو وتشاد . وشيء شديد : بين الشدة . وشيء شديد : مشتد قوي . وفي الحديث : سيبويه ; أراد بالحب الطعام كالحنطة والشعير ، واشتداده قوته وصلابته . قال لا تبيعوا الحب حتى يشتد : ومن كلام ابن سيده يعقوب في صفة الماء : وأما ما كان شديدا سقيه غليظا أمره ; إنما يريد به مشتدا سقيه أي صعبا . وتقول : شد الله ملكه ; وشدده : قواه . والتشديد : خلاف التخفيف . وقوله تعالى : وشددنا ملكه أي قويناه وكان من تقوية ملكه أنه كان يحرس محرابه في كل ليلة ثلاثة وثلاثون ألفا من الرجال ; وقيل : إن رجلا استعدى إليه على رجل فادعى عليه أنه أخذ منه بقرا فأنكر المدعى عليه فسأل ، داود عليه السلام المدعي البينة فلم يقمها فرأى داود في منامه أن الله عز وجل يأمره أن يقتل المدعى عليه ، فتثبت داود عليه السلام ، وقال : هو المنام فأتاه الوحي بعد ذلك أن يقتله فأحضره ثم أعلمه أن الله يأمره بقتله ، فقال المدعى عليه : إن الله ما أخذني بهذا الذنب ، وإني قتلت أبا هذا غيلة ، فقتله داود على نبينا وعليه الصلاة والسلام وذلك مما عظم الله به هيبته وشدد ملكه . وشد على يده : قواه وأعانه قال :
فإني بحمد الله لا سم حية سقتني ولا شدت على كف ذابح
وشددت الشيء أشده شدا إذا أوثقته . قال الله تعالى : فشدوا الوثاق . وقال تعالى : اشدد به أزري . : يقال حلبت بالساعد الأشد أي استعنت بمن يقوم بأمرك ويعنى بحاجتك . وقال ابن الأعرابي أبو عبيد : يقال حلبتها بالساعد الأشد أي حين لم أقدر على الرفق أخذته بالقوة والشدة ; ومثله قوله مجاهرة إذا لم أجد مختلى . ومن أمثالهم في الرجل يحرز بعض حاجته ويعجز عن تمامها : بقي أشده . قال أبو طالب : يقال إنه كان فيما يحكى عن البهائم أن هرا كان قد أفنى الجرذان فاجتمع بقيتها وقلن : تعالين نحتال بحيلة لهذا الهر ، فأجمع رأيهن على تعليق جلجل في رقبته فإذا رآهن سمعن صوت الجلجل فهربن منه فجئن بجلجل وشددنه في خيط ثم قلن : من يعلقه في عنقه ، فقال بعضهن : بقي أشده ; وقد قيل في ذلك :
ألا امرؤ يعقد خيط الجلجل
ورجل شديد : قوي والجمع أشداء وشداد وشدد ; عن ، قال : جاء على الأصل ; لأنه لم يشبه الفعل . وقد شد يشد بالكسر لا غير شدة إذا كان قويا ، وشاده مشادة وشدادا : غالبه . وفي الحديث : سيبويه ; أراد يغلبه الدين أي من يقاويه ويقاومه ويكلف نفسه من العبادة فوق طاقته . والمشاددة : المغالبة وهو مثل الحديث الآخر : من يشاد هذا الدين يغلبه . وأشد الرجل إذا كانت دوابه شدادا . والمشادة في الشيء : التشدد فيه . ويقال للرجل إذا كلف عملا : ما أملك شدا ولا إرخاء أي لا أقدر على شيء . وشد عضده أي قواه . واشتد الشيء : من الشدة . إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق أبو زيد : أصابتني شدى على فعلى أي شدة . وأشد الرجل إذا كانت معه دابة شديدة . وفي الحديث : ; المشد : الذي دوابه شديدة قوية والمضعف : الذي دوابه ضعيفة . يريد أن القوي من الغزاة يساهم الضعيف فيما يكسبه من الغنيمة . والشديد من الحروف ثمانية أحرف ، وهي : الهمزة والقاف والكاف والجيم والطاء والدال والتاء والباء ; قال يرد مشدهم على مضعفهم : ويجمعها في اللفظ قولك : طبقك وأجدك طبقت . والحروف التي بين الشديدة والرخوة ثمانية ، وهي : الألف والعين والياء واللام والنون والراء والميم والواو يجمعها في اللفظ قولك : " لم يروعنا " وإن شئت [ ص: 39 ] قلت : لم ير عونا ، ومعنى الشديد أنه الحرف الذي يمنع الصوت أن يجري فيه ، ألا ترى أنك لو قلت الحق والشرط ثم رمت مد صوتك في القاف والطاء لكان ممتنعا ؟ ومسك شديد الرائحة : قويها ذكيها . ورجل شديد العين : لا يغلبه النوم ، وقد يستعار ذلك في الناقة ; قال الشاعر : ابن جني
بات يقاسي كل ناب ضرزة شديدة جفن العين ذات ضرير
وقوله تعالى : ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم أي اطبع على قلوبهم . والشدة : المجاعة . والشدائد : الهزاهز . والشدة : صعوبة الزمن ، وقد اشتد عليهم ، والشدة والشديدة من مكاره الدهر ، وجمعها شدائد فإذا كان جمع شديدة فهو على القياس ، وإذا كان جمع شدة فهو نادر . وشدة العيش : شظفه . ورجل شديد : شحيح . وفي التنزيل العزيز : وإنه لحب الخير لشديد قال أبو إسحاق : إنه من أجل حب المال لبخيل . والمتشدد : البخيل كالشديد ; قال طرفة :
أرى الموت يعتام الكرام ويصطفي عقيلة مال الفاحش المتشدد
وقول أبي ذؤيب :
حدرناه بالأثواب في قعر هوة شديد على ما ضم في اللحد جولها
أراد شحيح على ذلك . وشدد الضرب وكل شيء : بالغ فيه . والشد : الحضر والعدو ، والفعل : اشتد أي عدا . قال ابن رميض العنبري ، ويقال : رميص ، بالصاد المهملة :
هذا أوان الشد فاشتدي زيم
وزيم : اسم فرسه ، وفي حديث الحجاج :
هذا أوان الحرب فاشتدي زيم
هو اسم ناقته أو فرسه . وفي حديث القيامة : ومنه حديث السعي : كحضر الفرس ثم كشد الرجل الشديد العدو . وفي حديث أحد : لا يقطع الوادي إلا شدا أي عدوا أي يعدون ; قال حتى رأيت النساء يشتددن في الجبل ابن الأثير : هكذا جاءت اللفظة في كتاب الحميدي ، والذي جاء في كتاب يشتدن بدال واحدة ، والذي جاء في غيرهما يسندن بسين مهملة ونون أي يصعدن فيه فإن صحت الكلمة على ما في البخاري ، وكثيرا ما يجيء أمثالها في كتب الحديث وهو قبيح في العربية ; لأن الإدغام إنما جاز في الحرف المضعف لما سكن الأول وتحرك الثاني ، فأما مع جماعة النساء فإن التضعيف يظهر ; لأن ما قبل نون النساء لا يكون إلا ساكنا ، فيلتقي ساكنان ، فيحرك الأول وينفك الإدغام ، فتقول : يشتددن فيمكن تخريجه على لغة بعض العرب من البخاري بكر بن وائل ، يقولون : ردت وردت وردن ، يريدون رددت ورددت ورددن ، قال الخليل : كأنهم قدروا الإدغام قبل دخول التاء والنون ، فيكون لفظ الحديث يشتدن . وشد في العدو شدا واشتد : أسرع وعدا . وفي المثل : رب شد في الكرز ; وذلك أن رجلا خرج يركض فرسا له فرمت بسخلتها فألقاها في كرز بين يديه والكرز الجوالق ، فقال له إنسان : لم تحمله ؟ ما تصنع به ، فقال : رب شد في الكرز ، يقول : هو سريع الشد كأمه يضرب للرجل يحتقر عندك وله خبر قد علمته أنت ; قال عمرو ذو الكلب :
فقمت لا يشتد شدي ذو قدم
جاء بالمصدر على غير الفعل ، ومثله كثير وقول مالك بن خالد الخناعي :
بأسرع الشد مني يوم لا نية لما عرفتهم واهتزت اللمم
يريد بأسرع شدا مني فزاد اللام كزيادتها في بنات الأوبر ، وقد يجوز أن يريد بأسرع في الشد فحذف الجار وأوصل الفعل . قال : وقالوا شد ما أنك ذاهب ، كقولك : حقا أنك ذاهب قال : وإن شئت جعلت شد بمنزلة نعم كما تقول : نعم العمل أنك تقول الحق . سيبويه
والشدة النجدة وثبات القلب . وكل شديد شجاع . والشدة بالفتح : الحملة ، الواحدة . والشد : الحمل ، وشد على القوم في القتال يشد ويشد شدا وشدودا : حمل . وفي الحديث : يقال : شد في الحرب يشد بالكسر ; ومنه الحديث : ألا تشد فنشد معك ؟ أي حمل عليه فقتله . وشد فلان على العدو شدة واحدة وشد شدات كثيرة . ثم شد عليه فكان كأمس الذاهب أبو زيد : خفت شدى فلان أي شدته وأنشد :
فإني لا ألين لقول شدى ولو كانت أشد من الحديد
ويقال : أصابتني شدى بعدك ، أي الشدة مدة . وشد الذئب على الغنم شدا وشدودا : كذلك . ورؤي فارس يوم الكلاب من بني الحارث يشد على القوم فيردهم ويقول : أنا أبو شداد ، فإذا كروا عليهم ردهم ، وقال : أنا أبو رداد . وفي حديث قيام شهر رمضان : ; وهو كناية عن اجتناب النساء أو عن الجد والاجتهاد في العمل أو عنهما معا . والأشد : مبلغ الرجل الحنكة والمعرفة قال الله عز وجل : أحيا الليل وشد المئزر حتى إذا بلغ أشده قال الفراء : الأشد واحدها شد في القياس : قال : ولم أسمع لها بواحد وأنشد :
قد ساد وهو فتى حتى إذا بلغت أشده وعلا في الأمر واجتمعا
أبو الهيثم : واحدة الأنعم نعمة ، وواحدة الأشد شدة . قال : والشدة القوة والجلادة . والشديد : الرجل القوي ، وكأن الهاء في النعمة والشدة لم تكن في الحرف إذ كانت زائدة وكأن الأصل نعم وشد فجمعا على أفعل كما قالوا : رجل وأرجل وقدح وأقدح وضرس وأضرس . : وبلغ الرجل أشده إذا اكتهل . وقال ابن سيده : هو من نحو سبع عشرة إلى الأربعين . وقال مرة : هو ما بين الثلاثين والأربعين وهو يذكر ويؤنث ; قال الزجاج أبو عبيد : واحدها شد في القياس ; قال : ولم أسمع لها بواحدة ; وقال : واحدتها شدة كنعمة وأنعم ; سيبويه : جاء على حذف التاء كما كان ذلك في نعمة وأنعم . وقال ابن جني : قال ابن جني أبو عبيد : هو جمع أشد على حذف [ ص: 40 ] الزيادة ; قال : وقال أبو عبيدة : ربما استكرهوا على حذف هذه الزيادة في الواحد ; وأنشد بيت عنترة :
عهدي به شد النهار كأنما خضب اللبان ورأسه بالعظلم
أي أشد النهار يعني أعلاه وأمتعه . قال : وذهب ابن سيده أبو عثمان فيما رويناه عن عنه أنه جمع لا واحد له ، وقال أحمد بن يحيى : القياس شد وأشد كما يقال : قد وأقد ، وقال مرة أخرى : هو جمع لا واحد له وقد يقال بلغ أشده ، وهي قليلة قال السيرافي الأزهري : الأشد في كتاب الله تعالى في ثلاثة معان يقرب اختلافها فأما قوله ( عز وجل ) في قصة يوسف عليه السلام : ولما بلغ أشده فمعناه الإدراك والبلوغ وحينئذ راودته امرأة العزيز عن نفسه ، وكذلك قوله تعالى : ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده قال : معناه احفظوا عليه ماله حتى يبلغ أشده ، فإذا بلغ أشده فادفعوا إليه ماله ; قال : وبلوغه أشده أن يؤنس منه الرشد مع أن يكون بالغا ; قال : وقال بعضهم : حتى يبلغ أشده ; حتى يبلغ ثماني عشرة سنة ; قال الزجاج أبو إسحاق : لست أعرف ما وجه ذلك ; لأنه إن أدرك قبل ثماني عشرة سنة وقد أونس منه الرشد فطلب دفع ماله إليه وجب له ذلك ; قال الأزهري : وهذا صحيح وهو قول وقول أكثر أهل العلم . وفي الصحاح : حتى يبلغ أشده أي قوته وهو ما بين ثماني عشرة إلى ثلاثين ، وهو واحد جاء على بناء الجمع مثل آنك ، وهو الأسرب ، ولا نظير لهما ، ويقال : هو جمع لا واحد له من لفظه مثل آسال وأبابيل وعباديد ومذاكير . وكان الشافعي يقول : واحده شدة وهو حسن في المعنى ; لأنه يقال : بلغ الغلام شدته ، ولكن لا تجمع فعلة على أفعل ، وأما أنعم ، فإنه جمع نعم من قولهم : يوم بؤس ويوم نعم . وأما من قال : واحده شد مثل كلب وأكلب أو شد ، مثل ذئب وأذؤب فإنما هو قياس ، كما يقولون في واحد الأبابيل : إبول قياسا على عجول ، وليس هو شيئا سمع من العرب . وأما قوله تعالى في قصة سيبويه موسى صلوات الله على نبينا وعليه : ولما بلغ أشده واستوى ; فإنه قرن بلوغ الأشد بالاستواء وهو أن يجتمع أمره وقوته ويكتهل وينتهي شبابه . وأما قول الله تعالى في سورة الأحقاف : حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة فهو أقصى نهاية بلوغ الأشد وعند تمامها بعث محمد صلى الله عليه وسلم نبيا ، وقد اجتمعت حنكته وتمام عقله فبلوغ الأشد محصور الأول محصور النهاية غير محصور ما بين ذلك . وشد النهار أي ارتفع . وشد النهار : ارتفاعه وكذلك شد الضحى . يقال : جئتك شد النهار ، وفي شد النهار ، وشد الضحى ، وفي شد الضحى . ويقال : لقيته شد النهار وهو حين يرتفع ، وكذلك امتد . وأتانا مد النهار أي قبل الزوال حين مضى من النهار خمسة . وفي عتبان بن مالك : فغدا علي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما اشتد النهار أي علا وارتفعت شمسه ، ومنه قول حديث كعب :
شد النهار ذراعي عيطل نصف قامت فجاوبها نكد مثاكيل
أي وقت ارتفاعه وعلوه . وشده أي أوثقه ، يشده ويشده أيضا ، وهو من النوادر . قال الفراء : ما كان من المضاعف على فعلت غير واقع ، فإن يفعل منه مكسور العين ، مثل عف يعف وخف يخف وما أشبهه ، وما كان واقعا مثل مددت ، فإن يفعل منه مضموم إلا ثلاثة أحرف ، شده يشده ويشده ، وعله يعله ويعله من العلل وهو الشرب الثاني ، ونم الحديث ينمه وينمه ، فإن جاء مثل هذا أيضا مما لم نسمعه فهو قليل ، وأصله الضم . قال : وقد جاء حرف واحد بالكسر من غير أن يشركه الضم ، وهو حبه يحبه . وقال غيره : شد فلان في حضره . وتشددت القينة إذا جهدت نفسها عند رفع الصوت بالغناء ; ومنه قول طرفة :
إذا نحن قلنا : أسمعينا انبرت لنا على رسلها مطروقة لم تشدد
و شداد : اسم . وبنو شداد وبنو الأشد : بطنان .