الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال ( وإذا كوتب العبدان كتابة واحدة وكل واحد منهما كفيل عن صاحبه فكل شيء أداه أحدهما رجع على صاحبه بنصفه ) ووجهه أن هذا العقد جائز استحسانا ، وطريقه أن يجعل كل واحد منهما أصيلا في حق وجوب الألف عليه فيكون عتقهما معلقا بأدائه ويجعل كفيلا بالألف في حق صاحبه ، وسنذكره في المكاتب إن شاء الله تعالى ، وإذا عرف ذلك فما أداه أحدهما رجع بنصفه على صاحبه لاستوائهما ، ولو رجع بالكل لا تتحقق المساواة [ ص: 232 ] قال ( ولو لم يؤديا شيئا حتى أعتق المولى أحدهما جاز العتق ) لمصادفته ملكه وبرئ عن النصف لأنه ما رضي بالتزام المال إلا ليكون المال وسيلة إلى العتق وما بقي وسيلة فيسقط ويبقى النصف على الآخر ; لأن المال في الحقيقة مقابل برقبتهما . وإنما جعل على كل واحد منهما احتيالا لتصحيح الضمان ، وإذا جاء العتق استغنى عنه فاعتبر مقابلا برقبتهما فلهذا يتنصف ، وللمولى أن يأخذ بحصة الذي لم يعتق أيهما شاء المعتق بالكفالة وصاحبه بالأصالة ، وإن أخذ الذي أعتق رجع على صاحبه بما يؤدي لأنه مؤد عنه بأمره ، وإن أخذ الآخر لم يرجع على المعتق بشيء لأنه أدى عن نفسه والله أعلم .

التالي السابق


( قوله وإذا كوتب العبدان كتابة واحدة ) بأن قال مثلا كاتبتكما على ألف إلى عام ( وكل واحد منهما كفيل عن صاحبه فكل شيء أداه أحدهما يرجع بنصفه على صاحبه . ووجهه أن هذا العقد ) وهو عقد الكفالة ( جائز استحسانا ) خلافا للأئمة الثلاثة كما لو كانت الكفالة واحدة فقط ، ولأنه كفالة ببدل الكتابة وهو باطل ، وأيضا شرط فيه كفالة المكاتب وهو باطل ، والكتابة تبطل بالشروط الفاسدة .

وجه الاستحسان أنه يمكن أن يعتبر له وجه يصح به فيحمل عليه ، وهو أن يجعل المال على أحدهما وعتق الآخر معلقا بأدائه كما في الولد المولود في الكتابة فيجعل كل منهما في حق المولى كأن المال كله عليه وعتق الآخر معلقا بأدائه فيطالب كل منهما بجميع المال بحكم الأصالة لا الكفالة ، وفي الحقيقة المال مقابل بهما فينقسم عليهما بخلاف ما إذا اختلفت كتابتهما لأن عتق كل منهما معلق بمال عليه على حدة فتعذر تصحيحه وفيما وراء ذلك الاعتبار المصحح الحقيقة هي المعتبرة حتى إن ما أداه أحدهما يرجع بنصفه على [ ص: 232 ] صاحبه لاستوائهما ( ولو لم يؤديا شيئا ) حتى إن المولى ( أعتق أحدهما جاز لمصادفته ملكه ) وبرئ عن النصف لأنه ما رضي بالتزام المال إلا ليكون وسيلة إلى عتقه ولم يبق وسيلة لحصول عتقه بطريق آخر ( فيسقط ويبقى النصف على الآخر لأن المال في الحقيقة مقابل بعتقهما ، وإنما جعل على كل واحد منهما احتيالا لتصحيح الضمان ) والحامل عليه تشوف الشارع إلى العتق ( فإذا جاء العتق استغنى عنه فاعتبر مقابلا برقبتهما فوجب أن يتنصف ، وللمولى أن يأخذ بحصة الذي لم يعتق أيهما شاء ، المعتق بالكفالة وصاحبه بالأصالة ) وأورد عليه أنه يستلزم كون الرقيق ضامنا لبدل الكتابة وهو لا يجوز .

أجيب بأن هذا في حالة البقاء لا في الابتداء كما لو مات شهود النكاح ( فإن أخذ الذي عتق رجع على صاحبه بما أدى ، وإن أخذ الآخر به لم يرجع ) على الذي عتق ( لأنه ) ربما ( أدى عن نفسه ) .




الخدمات العلمية