الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( هدا ) * في أسماء الله تعالى " الهادي " هو الذي بصر عباده وعرفهم طريق معرفته حتى أقروا بربوبيته ، وهدى كل مخلوق إلى ما لابد له منه في بقائه ودوام وجوده .

                                                          * وفيه الهدي الصالح والسمت الصالح جزء من خمسة وعشرين جزءا من النبوة الهدي : السيرة والهيئة والطريقة .

                                                          ومعنى الحديث أن هذه الخلال من شمائل الأنبياء ومن جملة خصالهم ، وأنها جزء معلوم من أجزاء أفعالهم . وليس المعنى أن النبوة تتجزأ ، ولا أن من جمع هذه الخلال كان فيه جزء من النبوة ، فإن النبوة غير مكتسبة ولا مجتلبة بالأسباب ، وإنما هي كرامة من الله تعالى .

                                                          ويجوز أن يكون أراد بالنبوة ما جاءت به النبوة ودعت إليه ، وتخصيص هذا العدد مما يستأثر النبي بمعرفته .

                                                          * ومنه الحديث " واهدوا هدي عمار " أي سيروا بسيرته وتهيأوا بهيئته . يقال : هدى هدي فلان ، إذا سار بسيرته .

                                                          ( ه ) ومنه حديث ابن مسعود " إن أحسن الهدي هدي محمد " .

                                                          ( ه ) والحديث الآخر " كنا ننظر إلى هديه ودله " وقد تكرر في الحديث .

                                                          ( س ) وفيه " أنه قال لعلي : سل الله الهدى " وفي رواية " قل اللهم اهدني وسددني ، واذكر بالهدى هدايتك الطريق ، وبالسداد تسديدك السهم " الهدى : الرشاد والدلالة ، ويؤنث ويذكر . يقال : هداه الله للدين هدى . وهديته الطريق وإلى الطريق هداية : أي عرفته . والمعنى إذا سألت الله الهدى فأخطر بقلبك هداية الطريق ، وسل الله الاستقامة فيه ، كما تتحراه في سلوك الطريق ; لأن سالك الفلاة يلزم الجادة ولا يفارقها ، خوفا من الضلال . وكذلك الرامي إذا رمى شيئا سدد السهم نحوه ليصيبه ، فأخطر ذلك بقلبك ليكون ما تنويه من الدعاء على شاكلة ما تستعمله في الرمي .

                                                          [ ص: 254 ] * ومنه الحديث سنة الخلفاء الراشدين المهديين المهدي : الذي قد هداه الله إلى الحق . وقد استعمل في الأسماء حتى صار كالأسماء الغالبة . وبه سمي المهدي الذي بشر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يجيء في آخر الزمان . ويريد بالخلفاء المهديين أبا بكر وعمر وعثمان وعليا ، رضي الله عنهم ، وإن كان عاما في كل من سار سيرتهم .

                                                          ( س ) وفيه " من هدى زقاقا كان له مثل عتق رقبة " هو من هداية الطريق : أي من عرف ضالا أو ضريرا طريقه .

                                                          ويروى بتشديد الدال ، إما للمبالغة ، من الهداية ، أو من الهدية : أي من تصدق بزقاق من النخل : وهو السكة والصف من أشجاره .

                                                          ( ه ) وفي حديث طهفة " هلك الهدي ومات الودي " بالتشديد كالهدي بالتخفيف ، وهو ما يهدى إلى البيت الحرام من النعم لتنحر ، فأطلق على جميع الإبل وإن لم تكن هديا ، تسمية للشيء ببعضه . يقال : كم هدي بني فلان ؟ أي كم إبلهم . أراد هلكت الإبل ويبست النخيل .

                                                          وقد تكرر ذكر " الهدي والهدي " في الحديث . فأهل الحجاز وبنو أسد يخففون ، وتيم وسفلى قيس يثقلون . وقد قرئ بهما . وواحد الهدي والهدي : هدية وهدية . وجمع المخفف : أهداء .

                                                          * وفي حديث الجمعة فكأنما أهدى دجاجة ، وكأنما أهدى بيضة الدجاجة والبيضة ليستا من الهدي ، وإنما هو من الإبل والبقر ، وفي الغنم خلاف ، فهو محمول على حكم ما تقدمه من الكلام ; لأنه لما قال : " أهدى بدنة وأهدى بقرة وشاة " أتبعه بالدجاجة والبيضة ، كما تقول : أكلت طعاما وشرابا ، والأكل يختص بالطعام دون الشراب . ومثله قول الشاعر :

                                                          متقلدا سيفا ورمحا

                                                          والتقلد بالسيف دون الرمح .

                                                          [ ص: 255 ] ( س ) وفيه " طلعت هوادي الخيل " يعني أوائلها . والهادي والهادية : العنق ; لأنها تتقدم على البدن ، ولأنها تهدي الجسد .

                                                          ( ه ) ومنه الحديث " قال لضباعة : ابعثي بها فإنها هادية الشاة " يعني رقبتها .

                                                          ( ه ) وفيه " أنه خرج في مرضه الذي مات فيه يهادى بين رجلين " أي يمشي بينهما معتمدا عليهما ، من ضعفه وتمايله ، من تهادت المرأة في مشيها ، إذا تمايلت . وكل من فعل ذلك بأحد فهو يهاديه . وقد تكرر في الحديث .

                                                          ( ه ) وفي حديث محمد بن كعب " بلغني أن عبد الله بن أبي سليط قال لعبد الرحمن بن زيد بن حارثة - وقد أخر صلاة الظهر - أكانوا يصلون هذه الصلاة الساعة ؟ قال : لا والله ، فما هدى مما رجع " أي فما بين ، وما جاء بحجة مما أجاب ، إنما قال : لا والله ، وسكت . والمرجوع الجواب ، فلم يجئ بجواب فيه بيان وحجة لما فعل من تأخير الصلاة .

                                                          وهدى بمعنى بين ، لغة أهل الغور ، يقولون : هديت لك بمعنى بينت لك . ويقال : بلغتهم نزلت أولم يهد لهم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية