الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وسئل أبو سليمان الداراني عن النكاح فقال : الصبر عنهن خير من الصبر عليهن ، والصبر عليهن خير من الصبر على النار .

وقال أيضا : الوحيد يجد من حلاوة العمل وفراغ القلب ما لا يجد المتأهل .

وقال مرة : ما رأيت أحدا من أصحابنا تزوج فثبت على مرتبته الأولى .

وقال أيضا ثلاث من طلبهن فقد ركن إلى الدنيا من طلب معاشا أو تزوج امرأة أو كتب الحديث .

وقال الحسن رحمه الله : إذا أراد الله بعبد خيرا لم يشغله بأهل ولا مال وقال ابن أبي الحواري تناظر جماعة في هذا الحديث فاستقر رأيهم على أنه ليس معناه أن لا يكونا له بل أن يكونا له ولا يشغلانه وهو إشارة إلى قول أبي سليمان الداراني ما شغلك عن الله من أهل ومال وولد فهو عليك مشئوم

التالي السابق


(وسئل أبو سليمان الداراني عن النكاح) هكذا في سائر نسخ الكتاب، والذي في "القوت ": وسئل سهل بن عبد الله عن النساء (فقال: الصبر عنهن خير من الصبر عليهن، والصبر عليهن خير من الصبر على النار. وقال أيضا: الوحيد) أي: المنفرد (يجد من حلاوة العمل وفراغ القلب ما لا يجده المتأهل) . وهذا القول عن أبي سليمان صحيح نقله صاحب "القوت "، وأما الذي قبله فهو قول سهل كما أشرنا إليه على أنه قد روي أيضا من قول أبي سليمان لكن بمعناه، والسياق المذكور لسهل قال صاحب "القوت " في موضع آخر من كتابه: وقد كان أبو سليمان يقول في التزويج قولا عدلا. قال: من صبر على المرأة فالتزويج له أفضل، والوحيد يجد من حلاوة العلم وفراغ القلب ما لا يجد المتزوج .

(وقال مرة: ما رأيت أحدا من أصحابنا تزوج فصبر على مرتبته الأولى) كذا في "القوت ". (وقال أيضا) فيما روى عنه صاحب "القوت ": (ثلاث من طلبهن فقد ركن إلى الدنيا) . وفي رواية: فقد رغب في الدنيا: (من طلب معاشا أو تزوج امرأة أو كتب الحديث) ، وهذا قد تقدم الكلام عليه في كتاب العلم .

(وقال الحسن) البصري (-رحمه الله تعالى -: إذا أراد الله بعبد خيرا لم يشغله بأهل ولا مال) . وقد روي هذا مرفوعا من حديث ابن مسعود رواه الخطيب وغيره بلفظ: " إذا أحب الله العبد اقتناه لنفسه ولم يشغله بزوجة ولا ولد " .

(وقال) أحمد (بن أبي الحواري) تلميذ أبي سليمان الداراني: (تناظر جماعة في هذا الحديث فاستقر رأيهم على أنه ليس معناه أن لا يكونا له بل أن يكونا له ولا يشغلانه) ، ولفظ " القوت ": وروينا عن ابن أبي الحواري في تأويل الحديث الذي رواه عن الحسن: إذا أراد الله بعبد خيرا لم يشغله بأهل ولا مال. قال أحمد: فتناظر في هذا الحديث جماعة من العلماء، فإذا ليس معناه هنا أن لا يكون له، ولكن يكون له ولا يشغلونه، (وهو إشارة إلى قول أبي سليمان الداراني) -رحمه الله تعالى - (ما شغلك عن الله من أهل ومال وولد فهو عليك مشئوم) . نقله صاحب "القوت " والحلية، وكان يقول أيضا: إنما تركوا التزويج لتفرغ قلوبهم إلى الآخرة .




الخدمات العلمية