الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
والحيوانات نوعان : نوع منها ما لا دم له ، فلا يحل تناول شيء منها إلا السمك ، والجراد ; لأن شرط تناول الحيوانات الذكاة شرعا ، وذلك لا يتحقق له فيما لا دم له ، إلا أن السمك والجراد مستثنى بالنص مما شرط فيه الذكاة لقوله صلى الله عليه وسلم : { أحلت لنا ميتتان ودمان أما الميتتان فالسمك والجراد ، وأما الدمان فالكبد والطحال } وماله دم نوعان مستأنس ، ومستوحش ، فالذي يحل تناوله من المستأنس بالاتفاق الأنعام ، وهي الإبل والبقر والغنم والدجاج ، وذلك ثابت بالكتاب قال الله تعالى : { والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون } وقال تعالى : { جعل لكم الأنعام لتركبوا منها ومنها تأكلون } وفيما سواها من المتأنس نبينه في موضعه إن شاء الله تعالى .

والمستوحش نوعان : منها صيد البحر لا يحل تناول شيء منها سوى السمك ، ومنها صيد البر ، ويحل تناولها إلا ما له ناب أو مخلب { لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن أكل كل ذي ناب من السباع ، وكل ذي مخلب من الطير } ولمعنى الخبث فيهما ، فإن من طبعهما الاختطاف والانتهاب ، فلا بد من ظهور أثر ذلك في خلق المتناول للغذاء من الأثر في ذلك ، كما قال صلى الله عليه وسلم : { لا ترضع لكم الحمقاء ، فإن اللبن يعدي } والمستخبث حرام بالنص لقوله تعالى : { ويحرم عليهم الخبائث } ولهذا حرم تناول الحشرات ، فإنها مستخبثة طبعا ، وإنما أبيح لنا أكل الطيبات قال الله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم } فقد أكرم المؤمنين بهذا الخطاب حيث خاطبهم بما خاطب به الرسل صلوات الله وسلامه عليهم حيث [ ص: 221 ] قال : { يا أيها الرسل كلوا من الطيبات } الآية .

التالي السابق


الخدمات العلمية