الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                1428 حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا جعفر يعني ابن سليمان عن الجعد أبي عثمان عن أنس بن مالك قال تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل بأهله قال فصنعت أمي أم سليم حيسا فجعلته في تور فقالت يا أنس اذهب بهذا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقل بعثت بهذا إليك أمي وهي تقرئك السلام وتقول إن هذا لك منا قليل يا رسول الله قال فذهبت بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت إن أمي تقرئك السلام وتقول إن هذا لك منا قليل يا رسول الله فقال ضعه ثم قال اذهب فادع لي فلانا وفلانا وفلانا ومن لقيت وسمى رجالا قال فدعوت من سمى ومن لقيت قال قلت لأنس عدد كم كانوا قال زهاء ثلاث مائة وقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أنس هات التور قال فدخلوا حتى امتلأت الصفة والحجرة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليتحلق عشرة عشرة وليأكل كل إنسان مما يليه قال فأكلوا حتى شبعوا قال فخرجت طائفة ودخلت طائفة حتى أكلوا كلهم فقال لي يا أنس ارفع قال فرفعت فما أدري حين وضعت كان أكثر أم حين رفعت قال وجلس طوائف منهم يتحدثون في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس وزوجته مولية وجهها إلى الحائط فثقلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم على نسائه ثم رجع فلما رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رجع ظنوا أنهم قد ثقلوا عليه قال فابتدروا الباب فخرجوا كلهم وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أرخى الستر ودخل وأنا جالس في الحجرة فلم يلبث إلا يسيرا حتى خرج علي وأنزلت هذه الآية فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرأهن على الناس يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث إن ذلكم كان يؤذي النبي إلى آخر الآية قال الجعد قال أنس بن مالك أنا أحدث الناس عهدا بهذه الآيات وحجبن نساء النبي صلى الله عليه وسلم

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                قوله : ( عن أنس قال : تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل بأهله فصنعت أمي أم سليم حيسا فجعلته في تور فقالت : يا أنس اذهب بهذا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقل : بعثت بهذا إليك أمي وهي تقرئك السلام [ ص: 570 ] وتقول : إن هذا لك منا قليل يا رسول الله )

                                                                                                                فيه أنه يستحب لأصدقاء المتزوج أن يبعثوا إليه بطعام يساعدونه به على وليمته ، وقد سبق هذا في الباب قبله ، وسبق هناك بيان الحيس .

                                                                                                                وفيه الاعتذار إلى المبعوث إليه وقول الإنسان نحو قول أم سليم ( هذا لك منا قليل ) .

                                                                                                                وفيه استحباب بعث السلام إلى الصاحب وإن كان أفضل من الباعث ، لكن هذا يحسن إذا كان بعيدا من موضعه ، أو له عذر في عدم الحضور بنفسه للسلام .

                                                                                                                ( والتور ) بتاء مثناة فوق مفتوحة ثم واو ساكنة إناء مثل القدح سبق بيانه في باب الوضوء .

                                                                                                                قوله صلى الله عليه وسلم : ( اذهب فادع لي فلانا وفلانا ومن لقيت وسمى رجالا . قال : فدعوت من سمى ، ومن لقيت . قال : قلت لأنس عدد كم كانوا ؟ قال : زهاء ثلاثمائة ) قوله ( زهاء ) بضم الزاي وفتح الهاء وبالمد ، ومعناه نحو ثلاثمائة . وفيه أنه يجوز في الدعوة أن يأذن المرسل في ناس معينين ، وفي مبهمين كقوله : ( من لقيت ) ، ( من أردت ) . وفي هذا الحديث معجزة ظاهرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم بتكثير الطعام كما أوضحه في الكتاب . قوله صلى الله عليه وسلم . ( يا أنس هات التور ) هو بكسر التاء من ( هات ) كسرت للأمر كما تكسر الطاء من أعط .

                                                                                                                قوله : ( وزوجته مولية وجهها ) هكذا هو في جميع النسخ ( وزوجته ) بالتاء ، وهي لغة قليلة تكررت في الحديث والشعر ، والمشهور حذفها .

                                                                                                                قوله : ( ظنوا أنهم قد ثقلوا عليه ) هو بضم القاف المخففة .




                                                                                                                الخدمات العلمية