الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 276 ] قال ( ويكره تلقين الشاهد ) ومعناه أن يقول له أتشهد بكذا وكذا ، وهذا لأنه إعانة لأحد الخصمين فيكره كتلقين الخصم . واستحسنه أبو يوسف رحمه الله في غير موضع التهمة لأن الشاهد قد يحصر لمهابة المجلس فكان تلقينه إحياء للحق بمنزلة الإشخاص والتكفيل .

التالي السابق


( قوله ويكره تلقين الشاهد ) وهو أن يقول له القاضي كلاما يستفيد به الشاهد علما وعليه الأئمة الثلاثة . وعن أبي يوسف وهو وجه للشافعي لا بأس به لمن استولته الحيرة أو الهيبة فترك شيئا من شرائط الشهادة فيعينه بقوله أتشهد بكذا وكذا بشرط كونه ( في غير موضع التهمة ) أما فيها بأن ادعى المدعي ألفا وخمسمائة والمدعى عليه ينكر الخمسمائة وشهد الشاهد بألف فيقول القاضي يحتمل أنه أبرأه من الخمسمائة واستفاد الشاهد بذلك علما فوفق به في شهادته كما وفق القاضي فهذا لا يجوز بالاتفاق كما في تلقين أحد الخصمين . وفي المبسوط : ما قالاه عزيمة لأن القاضي منهي عن اكتساب ما يجر إليه تهمة الميل وتلقين الشاهد لا يخلو منه . وقول أبي يوسف رخصة ، فإنه لما ابتلي بالقضاء شاهد الحصر عند أداء الشهادة لأن مجلس القضاء مهاب فيضيع الحق إذا لم يعنه على أداء الشهادة ، ويحصر مضارع حصر من باب علم إذا امتنع عليه [ ص: 277 ] وضاق صدره به ، وتقدمت هذه اللفظة في كتاب الصلاة ، وأيضا أمرا بإكرام الشهود فإن الله يحيي بهم الحقوق ، وهذا التلقين إعانة وإكرام حيث لا ينسب إليه القصور . وقوله بمنزلة الأشخاص هو إرسال شخص ليأتي بخصمه ، يقال شخص من بلد إلى بلد إذا ذهب من حد منع . قيل وتأخير قول أبي يوسف وتسميته بالاستحسان دليل على أنه مختار المصنف ، وهذا بناء على أن قوله استحسنه معناه له دليل الاستحسان الاصطلاحي ، وقد لا يلزم ويكفي كونه آخر دليل في ذلك . وفي فتاوى قاضي خان : لا ينبغي للقاضي أن يبيع ويشتري بنفسه بل يفوض ذلك إلى غيره ، وبه قالت الأئمة الثلاثة . وعن أحمد يتخذ وكيلا لا يعرف أنه وكيل القاضي تحرزا عن المحاباة ، وشرط شريح على عمر حين ولاه أن لا أبيع ولا أشتري ولا أرتشي ، وقال بعض أشياخ المالكية ، ينبغي للقاضي أن يرتفع عن طلب العواري من الماعون والدابة وما أشبه ذلك ، وعن محمد : لا بأس أن يبيع ويشتري في غير مجلس القضاء ، وينبغي للخصوم إذا وصلوا أن لا يسلموا على القاضي ، فإذا سلموا لا يجب على القاضي رد سلامهم ، فإن رد يقتصر على قوله وعليكم ويخرج في أحسن ثيابه ، والله الموفق .




الخدمات العلمية