الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                      كشاف القناع عن متن الإقناع

                                                                                                                      البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( والرشد : الصلاح في المال لا غير ) في قول أكثر العلماء لقوله تعالى { فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم } قال ابن عباس يعني صلاحا في أموالهم " [ ص: 445 ] وقال مجاهد إذا كان عاقلا و لأن العدالة لا تعتبر في الرشد في الدوام فلا تعتبر في الابتداء ، كالزهد في الدنيا فعلى هذا يدفع إليه ماله وإن كان مفسدا لدينه كمن ترك الصلاة ومنع الزكاة ونحو ذلك .

                                                                                                                      ( ولا يدفع إليه مال ) بعد بلوغه ( قبله ) أي قبل رشده ( ولو صار شيخا ) لما تقدم ( ولا يدفع إليه ) أي إلى المحجور عليه لحظه ماله ( حتى يختبر ) أي يمتحن ( بما يليق به ويؤنس ) أي يعلم ( رشده ) لقوله تعالى { وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح } الآية أي فاختبروهم فعلق الدفع على الاختبار والبلوغ وإيناس الرشد فوجب اختباره بتفويض التصرف إليه وهو يختلف ( فإن كان من أولاد التجار ، وهم ) أي التجار ( من يبيع ويشتري ) لطلب الربح ( ف ) إيناس الرشد منه ( بأن يتكررا ) أي البيع والشراء ( منه فلا يغبن غالبا غبنا فاحشا وأن يحفظ ما في يده من صرفه فيما لا فائدة فيه ، كالقمار والغناء وشراء المحرمات ) كالخمر وآلات اللهو ( ونحوه وليس الصدقة به وصرفه في باب بر ) كغزو وحج .

                                                                                                                      ( و ) صرفه في ( مطعم ومشرب وملبس ومنكح لا يليق به : تبذيرا إذ لا إسراف في الخبر ) قال في الاختيارات : الإسراف ما صرفه في المحرمات ، أو كان صرفه في المباح يضر بعياله أو كان وحده ولم يثق بإيمانه أو أسرف في مباح قدرا زائدا على المصلحة انتهى .

                                                                                                                      وقال المصنف في الحاشية : الفرق بين الإسراف والتبذير : أن الإسراف صرف الشيء فيما ينبغي زائدا على ما ينبغي والتبذير صرف الشيء فيما لا ينبغي ( ويختبر ابن المزارع بما يتعلق بالزراعة والقيام على العمال والقوام و ) يختبر ( ابن المحترف ) أي صاحب الصناعة ( بما يتعلق بحرفته و ) يختبر ( ابن الرئيس والصدر الكبير ، و ) ابن ( الكاتب الذين يصان أمثالهم عن الأسواق ، بأن تدفع إليه نفقته مدة لينفقها في مصالحه فإن صرفها في مصارفها ومرافقها واستوفى على وكيله فيما وكل فيه ، واستقصى عليه ) أي على وكيله ( دل ذلك على رشده ) فيعطى ماله ويشترط في الكل ما تقدم ، في ابن التاجر من حفظ ما في يده عن صرفه فيما لا فائدة فيه ولو أخره وأرجعه إلى الكل كما صنع غيره لكان أفيد .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية