الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            ( لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور )

                                                                                                                                                                                                                                            ثم قال تعالى : ( لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور ) .

                                                                                                                                                                                                                                            لما بين الله حال الشاكرين لنعمه بذكر داود وسليمان بين حال الكافرين بأنعمه ، بحكاية أهل سبأ ، وفي سبأ قراءتان بالفتح على أنه اسم بقعة وبالجر مع التنوين على أنه اسم قبيلة وهو الأظهر ؛ لأن الله جعل الآية لسبأ ، والفاهم هو العاقل لا المكان فلا يحتاج إلى إضمار الأهل ، وقوله : ( آية ) أي من فضل ربهم ، ثم بينها بذكر بدله بقوله : ( جنتان عن يمين وشمال ) قال الزمخشري : أية آية في جنتين ، مع أن بعض بلاد العراق فيها آلاف من الجنان ؟ وأجاب بأن المراد لكل واحد جنتان أو عن يمين بلدهم وشمالها جماعتان من الجنات ، ولاتصال بعضها ببعض جعلها جنة واحدة .

                                                                                                                                                                                                                                            قوله : ( كلوا من رزق ربكم ) إشارة إلى تكميل النعم عليهم حيث لم يمنعهم من أكل ثمارها خوف ولا مرض ، وقوله : ( واشكروا له ) بيان أيضا لكمال النعمة ، فإن الشكر لا يطلب إلا على النعمة المعتبرة ، ثم لما بين حالهم في مساكنهم وبساتينهم وأكلهم أتم بيان النعمة بأن بين أن لا غائلة عليه ولا تبعة في المآل في الدنيا ، فقال : ( بلدة طيبة ) أي طاهرة عن المؤذيات لا حية فيها ولا عقرب ولا وباء ولا وخم ، وقال : ( ورب غفور ) أي لا عقاب عليه ولا عذاب في الآخرة ، فعند هذا بان كمال النعمة حيث كانت لذة حالية خالية عن المفاسد المآلية .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية