الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 5023 ) فصل : في دور الولاء ، إذا تزوج عبد معتقة ، فأولدها بنتين ، فاشترتا أباهما ، عتق عليهما ، ولهما عليه الولاء ، وتجر كل واحدة منهما نصف ولاء أختها إليها ; لأنها أعتقت نصف الأب ، ولا ينجر الولاء الذي عليها ، ويبقى نصف ولاء كل واحدة منهما لمولى أمها . فإن مات الأب ، فماله لهما ثلثاه بالبنوة ، وباقيه بالولاء . فإن ماتت إحداهما بعد ذلك فلأختها النصف بالنسب ، ونصف الباقي بأنها مولاة [ ص: 290 ] نصفها ، فصار لها ثلاثة أرباع مالها ، والربع الباقي لمولى أمها . فإن كانت إحداهما ماتت قبل أبيها ، فمالها لأبيها . ثم إذا مات الأب فللباقية نصف ميراث أبيها ; لكونها بنته ، ونصف الباقي وهو الربع ، لكونها مولاة نصفه ، يبقى الربع لموالي البنت التي ماتت قبله فنصفه لهذه البنت ; لأنها مولاة نصف أختها ، صار لها سبعة أثمان ميراثه ، ولمولى أم الميتة ، الثمن . فإن ماتت البنت الباقية بعدهما ، فمالها لمواليها ، نصفه لمولى أمها ، ونصفه لمولى أختها الميتة ، وهم أختها وموالي أمها ، فنصفه لمولى أمها ، وهو الربع ، والربع الباقي يرجع إلى هذه الميتة ، فهذا الجزء دائر ; لأنه خرج من هذه الميتة ، ثم دار إليها ، فقال القاضي : يجعل في بيت المال ; لأنه لا مستحق له نعلمه . وهذا قول محمد بن الحسن وقياس قول مالك ، والشافعي . وقال بعض الشافعية ، وبعض المدنيين : هو لمولى أم الميتة . وهذا قول الجمهور . وهاتان المسألتان أصل في دور الولاء ، وفيها أقوال شاذة سوى ما ذكرناه ، وهذا أصح ما قيل فيها ، إن شاء الله ، فإن ماتت الابنتان قبل الأب ، ورث مالهما بالنسب . فإن مات بعدهما ، فماله يقسم على ثمانية أسهم ، لكل واحدة من ابنتيه أربعة أسهم ، سهمان لمولى أمها وسهمان لمولى أختها ، يقسمان أيضا لمولى أمها سهم ، وسهم دائر يرجع إلى بيت المال ، فيحصل لبيت المال الربع ، ولمولى أمها ثلاثة أرباع . فإن كن ثلاثا ماتت إحداهن قبل الأب ، والأخرى بعده ، فمال الأب على سبعة وعشرين ، لابنتيه ثلثاها بالنسب ، وثلثا الباقي بولائهما عليه ، وثلث الباقي بولائهما على أختهما ، ويبقى لمولى الأم سهم ، ومال الثانية على ثمانية عشر ، للحية تسعة بالنسب ، وثلاثة بولائها عليها ، ولمولى أمها ثلاثة ، ويبقى ثلاثة لموالي الميتة الأولى للحية سهم ، ولمولى أمها سهم ، ويبقى سهم دائر ، فمن جعله لبيت المال ، دفعه إليه ، ومن جعله لمولى الأم ، فهو له ، ومن لم يدفعه ، قسمه بين الحية ومولى الأم نصفين ، وترجع بالاختصار إلى أربعة ، فإن كانت أمهاتهن شتى فمن اثني عشر . فإن اشترى الابنتان أباهما ، ثم اشترى أبوهما هو والكبرى جدهما ، ثم مات الأب ، فماله بينهم أثلاثا ، ثم إذا مات الجد وخلف ابنتي ابنه ، فلهما الثلثان ، وللكبرى نصف الباقي ، لكونها مولاة نصفه ، يبقى السدس لموالي الأب ; لأنه مولى نصف الجد ، وهم ابنتاه ، فيحصل للكبرى ثلث المال وربعه ، وللصغرى ربعه وسدسه ، فإن كانت بحالها ، فاشترت الكبرى وأبوها أخاهما لأبيهما ، فالجواب فيها كالتي قبلها .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية