الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ولولا كلمة سبقت من ربك إلى أجل مسمى لقضي بينهم وإن الذين أورثوا الكتاب من بعدهم لفي شك منه مريب ( 14 ) )

يقول - تعالى ذكره - : وما تفرق المشركون بالله في أديانهم فصاروا أحزابا ، إلا من بعد ما جاءهم العلم ، بأن الذي أمرهم الله به ، وبعث به نوحا ، هو إقامة الدين الحق ، وأن لا تتفرقوا فيه . [ ص: 515 ]

حدثنا ابن عبد الأعلى قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ( وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم ) فقال : إياكم والفرقة فإنها هلكة ( بغيا بينهم ) يقول : بغيا من بعضكم على بعض وحسدا وعداوة على طلب الدنيا . ( ولولا كلمة سبقت من ربك إلى أجل مسمى ) يقول - جل ثناؤه - : ولولا قول سبق يا محمد من ربك لا يعاجلهم بالعذاب ، ولكنه أخر ذلك إلى أجل مسمى ، وذلك الأجل المسمى فيما ذكر : يوم القيامة .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد قال : ثنا أحمد قال : ثنا أسباط ، عن السدي ( ولولا كلمة سبقت من ربك إلى أجل مسمى ) قال : يوم القيامة .

وقوله : ( لقضي بينهم ) يقول : لفرغ ربك من الحكم بين هؤلاء المختلفين في الحق الذي بعث به نبيه نوحا من بعد علمهم به ، بإهلاكه أهل الباطل منهم ، وإظهاره أهل الحق عليهم .

وقوله : ( وإن الذين أورثوا الكتاب من بعدهم ) يقول : وإن الذين آتاهم الله من بعد هؤلاء المختلفين في الحق كتابه التوراة والإنجيل . ( لفي شك منه مريب ) يقول : لفي شك من الدين الذي وصى الله به نوحا ، وأوحاه إليك يا محمد ، وأمركما بإقامته مريب .

وبنحو الذي قلنا في معنى قوله : ( وإن الذين أورثوا الكتاب من بعدهم ) قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد قال : ثنا أحمد قال : ثنا أسباط ، عن السدي قوله : ( وإن الذين أورثوا الكتاب من بعدهم ) قال : اليهود والنصارى .

التالي السابق


الخدمات العلمية