الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وإن زال بسبب لا يعذر فيه كالسكران : ففي صحة طلاقه روايتان ) . وأطلقهما الخرقي ، والحلواني ، في كتاب الوجهين ، والروايتين ، وصاحب الهداية ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والمستوعب ، والكافي ، والمغني ، والمذهب الأحمد ، والبلغة ، والمحرر ، والشرح ، والرعايتين ، والزبدة ، والحاوي الصغير ، وشرح ابن منجا ، وتذكرة ابن عبدوس ، وغيرهم . إحداهما : يقع . وهو المذهب . اختاره أبو بكر الخلال ، والقاضي ، والشريف أبو جعفر ، وأبو الخطاب ، والشيرازي وصححه في التصحيح ، وتصحيح المحرر ، وإدراك الغاية ، ونهاية ابن رزين . وجزم به في الخلاصة ، والعمدة ، والمنور ، ومنتخب الأدمي ، والوجيز . وقدمه في الفروع ، وشرح ابن رزين . قال في القاعدة الثانية بعد المائة : هذا المشهور من المذهب . قال ابن مفلح في أصوله : تعتبر أقواله وأفعاله في الأشهر عن الإمام أحمد رحمه الله ، وأكثر أصحابه . وقدمه . وقال الطوفي في شرح مختصره : هذا المشهور بين الأصحاب . والرواية الثانية : لا يقع . اختاره أبو بكر عبد العزيز في الشافي ، وزاد المسافر ، وابن عقيل . ومال إليه المصنف ، والشارح ، وابن رزين في شرحه . واختاره الناظم ، والشيخ تقي الدين ، وناظم المفردات . وقدمه . وهو منها . وجزم به في التسهيل . قال الزركشي : ولا يخفى أن أدلة هذه الرواية أظهر . [ ص: 434 ]

نقل الميموني : كنت أقول : يقع ، حتى تبينته . فغلب علي أنه لا يقع . ونقل أبو طالب : الذي لا يأمر بالطلاق إنما أتى خصلة واحدة . والذي يأمر به : أتى باثنتين . حرمها عليه ، وأباحها لغيره . ولهذا قيل : إنها آخر الروايات . قال الطوفي في شرح الأصول : هذا أشبه . وعنه : الوقف . قال الزركشي : وفي التحقيق لا حاجة إلى ذكر هذه الرواية ; لأن الإمام أحمد رحمه الله حيث توقف . فللأصحاب قولان وقد نص على القولين ، واستغنى عن ذكر الرواية . قلت : ليس الأمر كذلك بل توقفه لقوة الأدلة من الجانبين . فلم يقطع فيها بشيء . وحيث قال بقول فقد ترجح عنده دليله على غيره فقطع به . قوله ( وكذلك تخرج في قتله ، وقذفه ، وسرقته ، وزناه ، وظهاره وإيلائه ) . وكذا قال في الهداية : وكذا بيعه ، وشراؤه ، وردته ، وإقراره ، ونذره ، وغيرها . قاله المصنف ، وغيره . اعلم أن في أقوال السكران وأفعاله : روايات صريحات عن الإمام أحمد رحمه الله . إحداهن : أنه مؤاخذ بها ، فهو كالصاحي فيها . وهو المذهب . جزم به في المنور . وقدمه في الفروع . قال في القاعدة الثانية بعد المائة : السكران يشرب الخمر عمدا ، فهو كالصاحي في أقواله وأفعاله فيما عليه ، في المشهور من المذهب ، بخلاف من سكر ببنج ، ونحوه . انتهى .

[ ص: 435 ] وتقدم كلام ابن مفلح في أصوله . والرواية الثانية : أنه ليس بمؤاخذ بها فهو كالمجنون في أقواله وأفعاله . واختاره الناظم وقدمه المصنف في هذا الكتاب في إقراره في كتاب الإقرار . وكذا قدمه كثير من الأصحاب في الإقرار . على ما يأتي . قال ابن عقيل : هو غير مكلف . والرواية الثالثة : أنه كالصاحي في أفعاله ، وكالمجنون في أقواله . والرواية الرابعة : أنه في الحدود كالصاحي . وفي غيرها كالمجنون . قال الإمام أحمد رحمه الله في رواية الميموني : تلزمه الحدود ، ولا تلزمه الحقوق . وهذا اختيار أبي بكر فيما حكاه عنه القاضي . نقله الزركشي . والرواية الخامسة : أنه فيما يستقل به مثل قتله وعتقه ، وغيرهما كالصاحي . وفيما لا يستقل به كبيعه ونكاحه ، ومعاوضاته كالمجنون . حكاها ابن حامد . قال القاضي : وقد أومأ إليها في رواية البرزاطي . فقال : لا أقول في طلاقه شيئا . قيل له : فبيعه وشراؤه ؟ فقال : أما بيعه وشراؤه : فغير جائز . وأطلقهن في المحرر ، والرعايتين ، والحاوي الصغير . وقال الزركشي : قلت : ونقل عنه إسحاق بن هانئ ما يحتمل عكس الرواية الخامسة . فقال " لا أقول في طلاق السكران وعتقه شيئا ، ولكن بيعه وشراؤه جائز " . وعنه : لا تصح ردته فقط . حكاها ابن مفلح في أصوله . ويأتي الخلاف في قتله في " باب شروط القصاص " في كلام المصنف .

التالي السابق


الخدمات العلمية