الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو تعيب ) المبيع بما لا يضمن كأن تعيب ( بآفة ) أو بجناية بائع قبل قبض أو بجناية مبيع أو حربي ( أخذه ناقصا ) بلا أرش ( أو ضارب بالثمن ) كما لو تعيب المبيع في يد البائع يأخذه المشتري ناقصا أو يتركه ( أو ) تعيب ( بجناية أجنبي ) يضمن جنايته ولو قبل القبض [ ص: 150 ] ( أو البائع ) بعد القبض ( فله ) إما المضاربة بثمنه أو ( أخذه ويضارب من ثمنه بنسبة نقص القيمة ) الذي استحقه المشتري إليها فإذا ساوى مع قطع يديه مائة وبدونه مائتين وقد كان اشتراه بمائة أخذه وضارب بنصف الثمن وهو خمسون ولم يعتبر المقدر في يديه وهو قيمته لئلا يلزم أخذه مع تمام قيمته أو مع تمام ثمنه وهو محال وألحق البائع هنا بالأجنبي ؛ لأن جنايته حينئذ مضمونة مثله ( وجناية المشتري ) كان زوج الأمة أو العبد ( كآفة في الأصح ) لأنه وقع في ملكه قبل تعلق حق الغرماء به كذا وقع في عبارة شارح وقوله قبل إلخ لا مدخل له في التعليل بل يوهم خلاف المراد وهو أنه لو وقع بعد ثبوت الرجوع بأن تأخر الفسخ لعذر ضمنه نظرا لوقوعه بعد تعلق حقهم به وليس بصحيح كما هو واضح ؛ لأن المبيع فائت على الغرماء فلا وجه لتضمينهم المفلس مطلقا ولو قال قبل تعلق حق الفسخ به ليفيد رجوع البائع بأرشه لو وقعت بعد تعلق حق الفسخ به فيضارب به لأمكن ذلك لكنه بعيد من كلامهم .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله أو تعيب بجناية أجنبي أو البائع ) عبارة العباب أو بجناية تضمن فأرشه للمفلس وللبائع أخذه ناقصا والمضاربة بمثل نسبة ما نقص من قيمته من الثمن قال الشارح في شرحه واستفيد [ ص: 150 ] من قوله تضمن أيضا أن المفلس لو عفا قبل الحجر عن الجاني الأجنبي أو البائع كان للبائع إذا رجع المضاربة بالنقص وهو ظاهر ثم رأيت الجلال البلقيني قال إذا أبرأ المفلس من أرش الجناية فلم يذكروه وقياس ما إذا أبرأت زوجها من الصداق ثم طلقها قبل الدخول أنه لا يرجع في شطر الصداق فكذا هنا فلو وهبه الأرش بعد أن قبضه فقياس الصداق أنه يرجع بالأرش ليضارب به مع الغرماء انتهى ويؤيده قول الأصفوني لو وهب المشتري المبيع للبائع ثم أفلس بالثمن فللبائع المضاربة بالثمن انتهى وانظر لو كان نسبة نقص القيمة من الثمن أكثر من الأرش كما لو كان الأرش خمسين نصف القيمة التي هي مائة وكان نسبة النقص ألفا لكون الثمن ألفين وقد أبرأ البائع من الأرش هل يضارب البائع بالزائد على الأرش ( قوله أو البائع بعد القبض ) وفي هذه الصورة يستحق المفلس على البائع أرش الجناية ويستحق البائع عليه إذا رجع من الثمن بنسبة نقص القيمة وقد يؤدي الحال إلى التقاص ولو في البعض ( قوله ولو قال إلخ ) يمكن حمل كلام ذلك الشارح على ذلك بأن يكون المعنى قبل تعلق حق الغرماء الذين منهم البائع به أي : بملكه احترازا عما لو كان بعد تعلقهم بملكه المتضمن لتعلق البائع المقتضي لرجوعه فتأمله ( قوله لو وقعت إلخ ) ينظر مع قوله السابق لو وقع بعد ثبوت الرجوع .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله ولو تعيب المبيع ) أي : بأن حصل فيه نقص لا يفرد بعقد نهاية ومغني ( قوله المبيع ) إلى قوله ؛ لأن جنايته في النهاية والمغني ( قوله كأن تعيب بآفة ) أي : سماوية سواء كان النقص حسيا كسقوط يد أم لا كنسيان حرفة نهاية ومغني ( قوله كما لو تعيب إلخ ) وكالأب إذا رجع في الموهوب لولده وقد نقص وهذا أي : قول المصنف أخذه ناقصا إلخ مستثنى من قاعدة ما ضمن كله ضمن بعضه ومن ذلك الشاة المعجلة في الزكاة إذا وجدها أي : المالك تالفة يضمنها أي : الفقير أو ناقصة يأخذها بلا أرش وعللوه بأنه حدث في ملكه فلم يضمنه كالمفلس وقد يضمن البعض ولا يضمن الكل وذلك فيما إذا جنى على مكاتبه فإنه إن قتله لم يضمنه وإن قطع عضوه ضمنه مغني ونهاية ( قوله أو تعيب بجناية أجنبي تضمن إلخ ) [ ص: 150 ] ولو عفا المفلس قبل الحجر عن الجاني الأجنبي أو البائع كان للبائع إذا رجع المضاربة بالنقص شرح العباب ا هـ سم قول المتن ( بنسبة نقص القيمة ) أي : وإن كان للجناية أرش مقدر ا هـ مغني ويأتي في الشرح مثله ( قوله الذي استحقه المشتري ) أي المفلس والضمير يرجع إلى نفس القيمة والحاصل أن البائع يرجع بالأرش وهو جزء من الثمن بنسبته إليه كنسبة ما نقص العيب من القيمة إليها والمفلس يرجع إليه بنقص القيمة وقد يؤدي الحال إلى التقاص ولو في البعض كما نبه عليه الشهاب سم ا هـ رشيدي عبارة ع ش قوله الذي استحقه المفلس أي : ولو لم يأخذه من الجاني بائعا كان أو غيره ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله فإذا ساوى ) أي : الرقيق ( قوله اشتراه ) أي المفلس ( قوله أخذه إلخ ) أي : أخذ البائع الرقيق ( قوله أو مع تمام ثمنه ) لعله للتنويع في التعبير ( قوله حينئذ ) أي : بعد القبض ( قوله ؛ لأنه وقع إلخ ) أي تعيب المشترى ( قوله وهو ) أي : خلاف المراد ( قوله بعد ثبوت الرجوع ) أي : والجناية غير التزويج ؛ إذ لا يتصور بعد الحجر لعدم صحته منه حينئذ ا هـ سيد عمر والمراد بثبوت الرجوع ثبوت حق الرجوع أي : الحجر بدليل ما بعده ( قوله ضمنه ) جواب لو ( قوله مطلقا ) أي سواء وقع جناية قبل الحجر أو بعده .




                                                                                                                              الخدمات العلمية