الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( أم يقولون افترى على الله كذبا فإن يشأ الله يختم على قلبك ويمح الله الباطل ويحق الحق بكلماته إنه عليم بذات الصدور ( 24 ) )

يقول - تعالى ذكره - : أم يقول هؤلاء المشركون بالله : ( افترى ) محمد ( على الله كذبا ) فجاء بهذا الذي يتلوه علينا اختلاقا من قبل نفسه . وقوله : ( فإن يشأ الله ) يا محمد يطبع على قلبك ، فتنس هذا القرآن الذي أنزل إليك .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . [ ص: 532 ]

ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة : ( أم يقولون افترى على الله كذبا فإن يشا الله يختم على قلبك ) فينسك القرآن .

حدثنا ابن عبد الأعلى قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، فى قوله : ( فإن يشا الله يختم على قلبك ) قال : إن يشأ الله أنسك ما قد أتاك .

حدثنا محمد قال : ثنا أحمد قال : ثنا أسباط ، عن السدي ، في قول الله عز وجل : ( فإن يشأ الله يختم على قلبك ) قال : يطبع .

وقوله : ( ويمح الله الباطل ) يقول : ويذهب الله بالباطل فيمحقه . ( ويحق الحق بكلماته ) التي أنزلها إليك يا محمد فيثبته .

وقوله : ( ويمح الله الباطل ) في موضع رفع بالابتداء ، ولكنه حذفت منه الواو في المصحف ، كما حذفت من قوله : ( سندع الزبانية ) ومن قوله : ( ويدع الإنسان بالشر ) وليس بجزم على العطف على يختم .

وقوله : ( إنه عليم بذات الصدور ) يقول - تعالى ذكره - : إن الله ذو علم بما في صدور خلقه ، وما تنطوي عليه ضمائرهم ، لا يخفى عليه من أمورهم شيء ، يقول لنبيه - صلى الله عليه وسلم - : لو حدثت نفسك أن تفتري على الله كذبا ، لطبعت على قلبك ، وأذهبت الذي أتيتك من وحيي ، لأني أمحو الباطل فأذهبه ، وأحق الحق ، وإنما هذا إخبار من الله الكافرين به ، الزاعمين أن محمدا افترى هذا القرآن من قبل نفسه ، فأخبرهم أنه إن فعل لفعل به ما أخبر به في هذه الآية .

التالي السابق


الخدمات العلمية