الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وانعزل ) الوكيل مفوضا أم لا ( بموت موكله ) ; لأنه نائب عنه في ماله وقد انتقل لورثته بموته فلا يلزمهم ما باع أو ابتاع بعده ( إن علم ) الوكيل بموت موكله ( وإلا ) يعلم ( فتأويلان ) في عزله بمجرد الموت أو حتى يبلغه وهو الأرجح وهذا إذا كان البائع للوكيل أو المشتري منه حاضرا ببلد موته وبين له أنه وكيل أو ثبت ببينة وإلا فلا ينعزل إلا إذا بلغه اتفاقا ( وفي عزله ) أي الوكيل ( بعزله ) أي الموكل ( ولم يعلم ) الوكيل بذلك وعدم عزله حتى يعلم به وهو الراجح ( خلاف ) وفائدته هل تصرفه بعد العزل وقبل العلم ماض أو لا ( وهل لا تلزم ) الوكالة مطلقا وقعت بأجرة أو جعل أو لا إذ هي من العقود الجائزة كالقضاء ( أو إن وقعت بأجرة )

[ ص: 397 ] كتوكيله على عمل معين بأجرة معلومة ( أو جعل ) بأن يوكله على تقاضي دينه ولم يعين له قدره أو عينه ولكن لم يعين من هو عليه وليس المراد وقوعها بلفظ إجارة أو جعالة ( فكهما ) ففي الإجارة تلزمهما بالعقد وفي الجعالة تلزم الجاعل فقط بالشروع ( وإلا ) بأن وقعت بغير عوض ( لم تلزم ) وهذا من تتمة القول الثاني ( تردد ) ثم حيث لم تلزم إن ادعى الوكيل أن ما اشتراه لنفسه قبل قوله

التالي السابق


( قوله وانعزل بموت موكله ) أي وكذا بفلسه الأخص لانتقال المال للغرماء ( قوله فلا يلزمهم ما باع أو ابتاع بعده ) أي بعد موت الموكل أي بل إن شاءوا أجازوه ، وإن شاءوا لم يجيزوا وحينئذ إذا كان قد ابتاع لزم الوكيل غرم الثمن وإذا كان قد باع غرم لهم قيمة المثمن إن كان قد فات ورد المبيع لهم إن كان قائما ( قوله فتأويلان في عزله إلخ ) وعلى الأول لو اشترى أو باع شيئا بعد موته ولم يعلم بالموت لم يلزمه الورثة ذلك وعليه غرم الثمن وقيمة المثمن إن فات ( قوله وهذا إذا كان البائع إلخ ) الأنسب اعتبار الحضور في نفس الوكيل بأن يقول وهذا الخلاف محله إذا كان الوكيل حاضرا ببلد موته ; لأن حضوره مظنة علمه وكأنه اكتفى بالتلازم بين المتعاقدين فيلزم من حضور أحدهما ببلد موت الموكل حضور الآخر ( قوله وفي عزله أي الوكيل بعزله أي الموكل له ولم يعلم الوكيل بذلك ) هذا القول مقيد بما إذا أشهد الموكل على عزله وكان عدم إعلامه بذلك لعذر كبعده عنه ، فإن ترك إعلامه لغير عذر مطلقا أي أشهد بعزله أم لا أو ترك إعلامه لعذر ولم يشهد به مضي تصرفه اتفاقا .

( قوله خلاف ) محله في غير وكيل خصام قاعد الخصم كثلاثة ، وأما وكيل الخصام إذا قاعد خصم الموكل كثلاثة فإنه لا ينعزل بعزل الموكل له سواء عزله في غيبته أو بحضرته كما مر وفي عبق لا ينعزل الوكيل بجنونه أو جنون موكله إلا أن يطول جنون الموكل جدا فينظر له الحاكم ولا تنعزل زوجة وكيلة لزوجها بطلاقه لها إلا أن يعلم من الموكل كراهة ذلك منها وينعزل هو عن وكالته لها بطلاقه لها كما استظهره ابن عرفة وكأن الفرق أن الطلاق بيده وإذا أظهر منه الأعراض كرهت بقاءه ا هـ ، وانعزل الوكيل بردته أيام الاستتابة ، وأما بعدها ، فإن قتل فواضح وإن أخر لمانع كالحمل فقد تردد العلماء في عزله وكذا ينعزل بردة موكله بعد مضي أيام الاستتابة ولم يرجع ولم يقتل لمانع ( قوله إذ هي من العقود الجائزة ) أي الغير اللازمة ( قوله كالقضاء ) أي فعقد القضاء من السلطان غير لازم فلمن ولي قاضيا أن يفك عن نفسه وكذا من وكل على شيء فله عزل نفسه [ ص: 397 ] قوله كتوكيله على عمل معين ) أي أو عمل غير معين في زمان معين كتوكيله على أن يبيع له سلعة في خمسة أيام وله من الأجرة كذا بمضي المدة باع أو لا ، وأما تعيين العمل والزمان فإنه يفسد الإجارة كما يأتي ( قوله بأن يوكله على تقاضي دينه ) اعلم أن التوكيل على اقتضاء الدين تارة يكون إجارة وتارة يكون جعالة ففي الإجارة لا بد من بيان القدر الموكل على اقتضائه وأن يبين من عليه الدين ليعلم حين العقد هل هو معسر أو موسر أو مماطل أو لا كوكالتك على اقتضاء كذا من فلان ولك كذا أجرة ، وأما في الجعالة فالواجب بيان أحد الأمرين إما القدر أو من عليه الدين ( قوله وليس المراد وقوعها بلفظ إجارة أو جعالة ) أي ; لأنها لو كانت بلفظهما كقوله آجرتك بكذا على أن تتوكل لي على كذا أو جاعلتك بكذا على أن تتوكل لي على كذا كانت منهما حقيقة فيصير التشبيه في قوله فكهما غير صحيح ; لأنه من تشبيه الشيء بنفسه وقوله وليس المراد إلخ أي وإنما المراد أن العقد وقع على صورة الإجارة بأن عين الزمان أو العمل أو على صورة الجعالة بأن لم يعين الزمان ولذا قال المصنف أو إن وقعت بأجرة أو جعل ولم يقل أو إن كانت إجارة أو جعلا .

( قوله ففي الإجارة إلخ ) أي ففي الوكالة إذا وقعت على وجه الإجارة تلزم كلا من الوكيل والموكل بمجرد العقد وقوله وفي الجعالة أي وفي الوكالة الواقعة على وجه الجعالة لا تلزم واحدا منهما قبل الشروع وتلزم الجاعل وهو الموكل بالشروع ، وأما المجعول له وهو الوكيل فلا تلزمه ( قوله من تتمة القول الثاني ) أي وليس تكرارا مع قوله وهل تلزم إلخ ( قوله تردد ) محله في الوكالة في غير الخصام وأما الوكالة فيه فهي لازمة مطلقا وقعت على وجه الإجارة أو الجعالة أو لا إذا قاعد الوكيل الخصم كثلاث وإلا فلا ( قوله حيث لم تلزم ) أي على القول الأول مطلقا وعلى الثاني حيث لم تقع بأجرة أو جعل ( قوله قبل قوله ) أي بيمينه وهذا أحد أقوال ثلاثة ذكرها ح وصدر به وقيل لا يقبل قوله وثالثها يقبل قوله إن لم يكن الموكل قد أقبضه الثمن وإلا فذلك الشيء للموكل




الخدمات العلمية