الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله : وامرأة ) بالجر عطف على ذكر أي مس بشرة المرأة لا ينقض الوضوء مطلقا سواء كان بشهوة أو لا وقال الشافعي : ينتقض وضوء اللامس مطلقا كان بشهوة وقصد أو لا وله في الملموس قولان أصحهما النقض إلا إذا لمس ذات رحم محرم أو صغيرة لا تشتهى فإنه لا ينقض على الأصح بخلاف العجوز فالصحيح النقض وهذه المسألة قد وقع الاختلاف فيها في الصدر الأول ، وهو اختلاف معتبر حتى قال بعض مشايخنا ينبغي لمن يؤم أن يحتاط فيه فمذهب عمر وابن مسعود وعبد الله بن عمر وجماعة من التابعين كمذهب الشافعي ومذهب علي وابن عباس وجماعة من التابعين كمذهبنا استدل الشافعي بقوله تعالى { أو لامستم النساء } ، فإن اللمس يطلق على الجس باليد قال تعالى { فلمسوه بأيديهم } وبقول أهل اللغة اللمس يكون باليد وبغيرها وقد يكون بالجماع فنعمل بمقتضى اللمس مطلقا فمتى التقت البشرتان انتقض سواء كان بيد أو جماع ولأئمتنا في الجواب عن هذا أوجه أحدها ما ذكره الأصوليون كفخر الإسلام البزدوي أن حقيقة اللمس يكون باليد وأن الجماع مجاز فيه لكن المجاز مراد بالإجماع حتى حل للجنب التيمم بالآية فبطلت الحقيقة ; لأنه يستحيل اجتماعهما مرادين بلفظ واحد ثانيهما ، وهو المذكور في بعض كتب الفقه أن اللمس إذا قرن بالمرأة كان حقيقة في الجماع يؤيده أن الملامسة مفاعلة من اللمس وذلك يكون بين اثنين فصاعدا وعندهم لا يشترط اللمس من الطرفين

                                                                                        ثالثها أن اللمس مشترك بين اللمس باليد وبين الجماع ورجحنا الحمل على الجماع بالمعنى ، وذلك أنه سبحانه وتعالى أفاض في بيان حكم الحدثين الأصغر والأكبر عند القدرة على الماء بقوله { إذا قمتم إلى الصلاة } إلى قوله { ، وإن كنتم جنبا فاطهروا } فبين أنه الغسل ثم شرع في بيان الحال عند عدم القدرة عليه بقوله { ، وإن كنتم مرضى أو على سفر } إلى قوله { فتيمموا صعيدا } إلخ فإذا حملت الآية على الجماع كان بيانا لحكم الحدثين الأصغر والأكبر عند عدم الماء كما بين حكمهما عند وجوده فيتم الغرض ; لأن بالناس حاجة إلى بيانهما خلاف ما ذهبوا إليه من كونه باليد ، فإنه يكون تكرارا محضا ; لأنه قد علم الحدث الأصغر بقوله { أو جاء أحد منكم من الغائط } ويدل عليه من السنة حديث عائشة الصحيح الذي رواه مسلم في صحيحه في كتاب الصلاة قالت فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة من الفراش فالتمسته فوقعت يدي على بطن قدميه ، وهو في المسجد وهما منصوبتان ، وهو يقول اللهم إني أعود برضاك من سخطك إلى آخر الدعاء وفي رواية للبيهقي بإسناد صحيح { فالتمست بيدي فوقعت يدي على بطن قدميه وهما منصوبتان ، وهو ساجد } وحديث عائشة أيضا في الصحيحين { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي ، وهي معترضة بينه وبين القبلة فإذ أراد أن يسجد غمز رجلها فتقبضها } وفي رواية النسائي بإسناد صحيح { فإذا أراد أن يوتر مسني برجله } وقول النووي في شرح المهذب أنه يحتمل كونه فوق حائل بعيد كما لا يخفى والله أعلم بالصواب .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية