الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      التفسير:

                                                                                                                                                                                                                                      (الفتى) في كلام العرب: الغلام الشاب، والمرأة (فتاة).

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: قد شغفها حبا أي: دخل حبه في شغافها، عن مجاهد، وغيره.

                                                                                                                                                                                                                                      الحسن: (الشغاف): باطن القلب.

                                                                                                                                                                                                                                      السدي، وأبو عبيدة: (شغاف القلب): غلافه؛ وهو جلدة عليه.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: هو وسط القلب.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ بالعين غير معجمة؛ فالمعنى: قد وصل حبه إلى قلبها، فكاد يحرقه لحدته، وأصله: من البعير يهنأ بالقطران فيصل ذلك إلى قلبه.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فلما سمعت بمكرهن أرسلت إليهن : روي: أنها استكتمتهن ذلك، فأفشينه، فأرادت أن توقعهن فيما وقعت فيه.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: سمي ذلك مكرا؛ لأنهن فعلنه لتريهن يوسف.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى: وأعتدت لهن متكأ : {أعتدت}: (أفعلت) من (العتاد)، [ ص: 495 ] وكل ما اتخذ عدة فهو عتاد.

                                                                                                                                                                                                                                      و (المتكأ) في قول ابن عباس: المجلس.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن جبير: الطعام والشراب، وحقيقته: ما يتكأ عليه لطعام أو شراب من نمرقة وغيرها، وهو (مفتعل)، وأصله (موتكأ).

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {متكا} ؛ فمعناه في قول الضحاك: الزماورد، وقيل: الأترج، واحدته: (متكة).

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وآتت كل واحدة منهن سكينا يعني: لتقطيع الفاكهة التي أعدتها لهن.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى: فلما رأينه أكبرنه أي: أعظمنه وأجللنه، وقال بعض المفسرين: معناه: حضن، وأنشد في ذلك: [من البسيط]


                                                                                                                                                                                                                                      يأتي النساء على أطهارهن ولا يأتي النساء إذا أكبرن إكبارا

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 496 ] وأنكر ذلك أبو عبيدة وقال: ليس ذلك في كلام العرب، لكن يجوز أن يكن حضن من شدة إعظامهن له.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وقطعن أيديهن : قال مجاهد: قطعنها حتى ألقينها، وقيل: خدشنها.

                                                                                                                                                                                                                                      عكرمة: {أيديهن}: أكمامهن.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى: وقلن حاش لله : قال مجاهد: أي: معاذ الله، واشتقاقه من (الحشى) ؛ وهو الناحية؛ وكأن المعنى: أن السوء في ناحية بعيدة من الله تعالى.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ما هذا بشرا : توهمنه من الملائكة، وأبعدن أن يكون من البشر، وفي الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أن يوسف وأمه أعطيا شطر الحسن).

                                                                                                                                                                                                                                      قالت فذلكن الذي لمتنني فيه أي: في حبه، و (ذلك) بمعنى: هذا، وهو اختيار الطبري.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: (الهاء) للحب، و (ذلك) على بابه؛ والمعنى: ذلكن الحب الذي لمتنني فيه؛ أي: حب هذا هو ذلك الحب.

                                                                                                                                                                                                                                      وليكونا من الصاغرين أي: الأذلاء.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: إن قولها هذا إنما كان قبل تخريق القميص، فوقع مؤخرا.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 497 ] وقوله: قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه : قال الحسن: يعني: ما كان من عون النسوة إياها في ذلك.

                                                                                                                                                                                                                                      ومعنى أصب إليهن : أمل إليهن.

                                                                                                                                                                                                                                      وأكن من الجاهلين أي: ممن يستحق صفة الذم بالجهل، وفي هذا دليل على قبح الجهل.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى: فاستجاب له ربه أي: أجابه [وهو القول من يوسف عليه السلام على وجه الخضوع والتسليم].

                                                                                                                                                                                                                                      ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه : معنى {بدا}: ظهر، وهو مذكور في الإعراب.

                                                                                                                                                                                                                                      السدي: كان سبب حبس يوسف في السجن أن امرأة العزيز شكت إلى العزيز أنه شهرها ونشر خبرها، والضمير في {لهم} للملك.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: حتى حين : قيل: سنة، وقيل: سبع سنين.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ودخل معه السجن فتيان : قيل: كانا غلامي ملك مصر الأكبر، وكان أحدهما صاحب طعامه، والآخر صاحب شرابه، رفع إلى الملك -فيما ذكره المفسرون-: أن صاحب طعامه عزم على أن يسمه، وأن الآخر مالأه على [ ص: 498 ] ذلك، قاله السدي وقتادة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى: قال أحدهما إني أراني أعصر خمرا يعني: عنبا؛ والمعنى: ما يكون خمرا، والذي قال ذلك: ساقي الملك.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الآخر إني أراني أحمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير منه : قيل: يعني بقوله: {خبزا}: ثريدا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: إنا نراك من المحسنين : قيل: إنه كان في السجن يداوي المرضى، ويعزي المحزونين، ويعين المظلومين، ويجتهد في العبادة، قاله قتادة، وغيره.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: المعنى: ممن يحسن عبارة الرؤيا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: المعنى: إنا نراك من المحسنين إن نبأتنا بتأويل ما رأينا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى: قال لا يأتيكما طعام ترزقانه إلا نبأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما : (التأويل) ما يؤول إليه أمر الشيء.

                                                                                                                                                                                                                                      قال السدي: المعنى: لا يأتيكما طعام ترزقانه في منامكما إلا نبأتكما بتأويله في اليقظة.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن جريج: كان الملك إذا أراد قتل أحد؛ صنع طعاما، فأرسل به إليه؛ فالمعنى: لا يأتيكما طعام ترزقانه في اليقظة.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 499 ] الحسن: كان يخبرهما بما غاب؛ كعيسى عليه السلام.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: إنما دعاهما بذلك إلى الإسلام، وجعل المعجزة التي يستدلان بها إخبارهما بالغيوب.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى: إني تركت ملة قوم لا يؤمنون بالله الآية؛ يعني: الملك وأصحابه.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية