الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وإن اختلفا في مقبوض فقال الراهن عن دين الرهن وزع بعد حلفهما : [ ص: 494 ] كالحمالة .

التالي السابق


( وإن اختلفا ) أي المتراهنان ( في ) كيفية قبض دين ( مقبوض ) بيد صاحب دينين على مدين واحد أحدهما برهن والآخر بلا رهن حال القبض أو بعده ( فقال الراهن ) المقبوض ( عن دين الرهن ) فقط فقد خلص الرهن من الرهينة فأعطنيه أتصرف فيه والدين غير المرهون فيه باق في ذمتي سأوفيكه إذا حل أجله ، وقال المرتهن عن دين غير الرهن فقط وما زال الرهن رهنا في دينه ولا بينة لواحد منهما ، فإن كان تنازعهما بعد قبضه ( وزع ) بضم فكسر مثقلا أي قسم المقبوض على الدينين بنسبة كل عدد منهما لمجموعهما ( بعد حلفهما ) أي المتراهنين إن كان تنازعهما بعد قبضه ونكولهما كحلفهما . فإن حلف أحدهما ونكل الآخر قضى للحالف على الناكل ، وإن كان حاله وزع بلا يمين وسواء حل الدينان أو أحدهما أو لا استوى أجلهما أو اختلف تقارب أو تباعد وهو كذلك في المدونة .

وقال اللخمي يوزع إذا حلا أو أجلا بأجل واحد أو بمتقاربين وإلا فالقول لمدعي القضاء عن الحال أو القريب . وظاهر نقل ابن عرفة والموضح عنه أنه المذهب ونص التوضيح ، وقيد اللخمي ما في المدونة بما إذا حل الدينان أو لم يحلا ونص ابن عرفة اللخمي إن حل أحدهما فقط فالقول قول من ادعى القضاء عنه ، وإن لم يحلا وأجلهما [ ص: 494 ] واحد أو متقارب قسم بينهما فذا ظاهر المذهب . وفي المدونة وإن كان لك على رجل مئتان فرهنك بمائة منهما رهنا ثم قضاك مائة وقال هي التي فيها الرهن وقلت له أنت هي التي لا رهن فيها وقام الغرماء أو لم يقوموا فإن المائة يكون نصفها بمائة الرهن ونصفها للمائة الأخرى . ابن يونس يريد بعد أن يتحالفا إن ادعيا البيان . وقال أشهب القول قول المقتضي .

ابن رشد فإن حلفا أو نكلا قسم المقبوض بين المالين ، وإن حلف أحدهما ونكل الآخر فالقول قول الحالف ، فإن كان الأول ستين والثاني ثلاثين واقتضى ثلاثين فللأول عشرون وللثاني عشرة ونحوه في النوادر . ابن القاسم ولو اختلفا عند القضاء في أي الحقين يبدأ بالقضاء فيجري الأمر عندي على هذا الاختلاف إلا أنه لا يمين في شيء من ذلك .

وشبه في التوزيع إذا اختلفا في مقبوض فقال ( كالحمالة ) بفتح الحاء المهملة يحتمل صورتين إحداهما مدين بمائتين إحداهما عليه أصالة والأخرى حمالة فقضى مائة وادعى أنها مائة الأصالة وادعى القابض أنها مائة الحمالة الثانية مدين بمائتين أصالة إحداهما بحمالة والأخرى بدونها ، وقضى مائة وادعى أنها مائة الحمالة وادعى القابض أنها مائة غير الحمالة فيحلفان في الصورتين ويوزع المقبوض بين المائتين ، وقيده اللخمي بما تقدم عنه وابن يونس الأولى بيسر الغريم والكفيل ونص المدونة ومن له على رجل ألف درهم من قرض وألف درهم من كفالة فقضاه ألفا ثم ادعى أنها القرض ، وقال المقتضي بل هي الكفالة قضى نصفها عن القرض ونصفها عن الكفالة ، وقال غيره القول قول المقتضي بيمينه لأنه مؤتمن مدعى عليه ا هـ . وقال مالك رضي الله تعالى عنه مثله في حقين أحدهما بحمالة والآخر بلا حمالة وكذا حق بيمين وحق بلا يمين . أبو الحسن معناه حلف ليقضينه ماله .

( فروع ) الأول : إذا ادعى أحدهما أنه قضاه من كذا والآخر أنه قضاه مبهما ففي نوازل سحنون [ ص: 495 ] القول قول من قال إنه مبهم بيمينه ويفض على المالين أو الأموال ، فإن اتفقا على الإبهام فض عليهما بالأولى .

الثاني : في نوازل عيسى سئل عمن له دنانير ونحوها على رجل وله على ابنه مثلها فدفع الأب لابنه ما عليه ليدفعه لربه فقال هذا مالك على أبي ثم ادعى القابض أنه إنما دفعه له قضاء عن الابن وأنكر قول الابن فقال القول قول القابض بيمينه ، إلا أن يأتي الابن ببينة تشهد له أنه قال له هذا عن أبي . قلت فإن أتى ببينة على أمر أبيه أنه يدفعه عنه قال لا ينفعه إلا ببينة الدفع عيسى إلا أن تشهد بينة أن المدفوع مال الأب . ابن رشد هذا بين على ما قال لأن الابن مدع وقد حكمت السنة أن البينة على المدعي واليمين على المنكر .

الثالث : حكى ابن رشد قولين فيمن عليه عشرتان لرجلين فوكل من يقضيهما عنه ودفع الوكيل عشرة ثم فلس فقال الوكيل هي لفلان وقال الموكل للآخر أحدهما قبول قول الوكيل والثاني أنها بينهما ولا يعتبر قول الوكيل والله سبحانه وتعالى أعلم ا هـ من الحط .




الخدمات العلمية