الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ويشترط لصحة الإقرار عدم تكذيب المقر له كما يؤخذ من قوله ( وإذا ) ( كذب المقر له المقر ) بمال ( ترك المال ) المقر به ( في يده ) في صورة العين ولم يطالب بالدين في صورته ( في الأصح ) لأن يده مشعرة بالملك ظاهرا ، والإقرار بالطارئ عارضه التكذيب فسقط ، ومن ثم كان المعتمد أن يده تبقى عليه يد ملك لا مجرد استحفاظ ، وما بحثه الزركشي من حرمة وطئه لإقراره بتحريمه عليه بل قال : ينبغي تحريم جميع التصرفات حتى يرجع يرد بأن التعارض المذكور أوجب له العمل بدوام الملك ظاهرا فقط ، وأما باطنا فالمدار فيه على صدقه وعدمه ولو ظنا ، وحينئذ فلا يصح ما ذكره بإطلاقه ، والثاني ينزعه الحاكم ويحفظه إلى ظهور مالكه ( فإن رجع المقر في حال تكذيبه ) مصدر مضاف للمفعول ( وقال غلطت ) في الإقرار أو تعمدت الكذب ( قبل قوله في الأصح ) لما مر من أن يده عليه يد ملك .

                                                                                                                            والثاني لا بناء على أن الحاكم ينزعه منه إلى ظهور مالكه ، أما رجوع المقر له وإقامة بينة به فلا يقبل منه حتى يصدقه ثانيا لأن نفيه عن نفسه بطريق المطالبة ونفي المقر بطريق الالتزام فكان أضعف ، ولو أقرت له امرأة بالنكاح وأنكر سقط حقه ، قال المتولي : حتى لو رجع بعد وادعى نكاحها لم تسمع ما لم يدع نكاحا مجددا .

                                                                                                                            وإنما احتيج لهذا الاستثناء لأنه يعتبر في صحة إقرار المرأة بالنكاح تصديق الزوج لها فاحتيط له بخلاف غيره ، ولو أقر لآخر بقصاص أو حد قذف وكذبه سقط وكذا حد سرقة وفي المال ما مر من كونه يترك [ ص: 76 ] في يده ، ولو أقر له بعبد فأنكره لم يحكم بعتقه لأنه محكوم برقه فلا يرفع إلا بيقين ، بخلاف اللقيط فإنه محكوم بحريته بالدار ، فإذا أقر ونفاه المقر له بقي على أصل الحرية ، ولو أقر له بأحد عبدين وعينه فرده وعين الآخر لم يقبل فيما عينه إلا ببينة وصار مكذبا للمقر فيما عينه له .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : وإذا كذب المقر له ) زاد حج أو وارثه ( قوله : بمال ) ومثل المال الاختصاص ، ولو أقر له بموجب عقوبة ورد لا يستوفي منه فالتقييد بالمال إنما هو لقول المصنف ترك المال إلخ ، وإلا فيشترط لصحة الإقرار عدم التكذيب مطلقا كما مر ( قوله : فلا يقبل منه ) ظاهره وإن بين لتكذيبه وجها محتملا ، وقياس نظائره أن تسمع دعواه وبينته إن بين ذلك ( قوله : حتى يصدقه ) أي المقر ، وقوله وإنما احتيج لهذا الاستثناء هو قوله ما لم يدع نكاحا ، وقوله وكذبه : أي المقر له ، وقوله لم يقبل فيما عينه : أي المقر له .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : ونفي المقر ) أي عن نفسه : يعني الذي تضمنه إقراره للغير إذ يلزم من إقراره به للغير أنه ليس له ( قوله : فكان أضعف ) أي فلهذا قبلنا رجوعه ( قوله : لهذا الاستثناء ) يعني المشار إليه بقوله ما لم يدع نكاحا مجددا ، وعبارة شرح الروض إلا أن يدعي إلخ ، والتعبير بالاستثناء عليها ظاهر .




                                                                                                                            الخدمات العلمية