الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      التفسير:

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: ولا تيأسوا من روح الله أي: من رحمة الله.

                                                                                                                                                                                                                                      فلما دخلوا عليه قالوا يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة : قال ابن عباس، وابن جبير: أي: ببضاعة رديئة، لا تجوز إلا بوكس.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال مجاهد، والحسن، وغيرهما: قليلة.

                                                                                                                                                                                                                                      الضحاك: كاسدة.

                                                                                                                                                                                                                                      عبد الله بن الحارث: يعنون متاع الأعراب؛ من السمن، والصوف، ونحو ذلك.

                                                                                                                                                                                                                                      أبو صالح: أتوا بالحبة الخضراء، والصنوبر.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 536 ] وأصل {مزجاة}: من التزجية؛ وهي الدفع؛ فالمعنى: أنها بضاعة تدفع ولا تؤخذ.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فأوف لنا الكيل وتصدق علينا أي: لا تنقصنا من الكيل من أجل رداءة دراهمنا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: كانت الصدقة حلالا للأنبياء، وإنما حرمت على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: كانت حراما على جميع الأنبياء عليهم السلام، وإنما سألوا المسامحة.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن جريج: المعنى: تصدق علينا برد أخينا إلينا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون أي: جاهلون بعاقبة فعلكم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: المعنى: إذ أنتم صغار جهال، فيكون قولهم: وإن كنا لخاطئين على هذا؛ لأنهم كبروا، ولم يخبروا أباهم بما فعلوه؛ حياء وخوفا منه.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: لا تثريب عليكم اليوم أي: لا تعيير، ولا لوم، قاله الثوري، وغيره، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا زنت أمة أحدكم؛ فليجلدها، ولا يثربها) ؛ [ ص: 537 ] أي: لا يعيرها.

                                                                                                                                                                                                                                      والوقف على لا تثريب عليكم اليوم : هو المستعمل، وأجاز الأخفش الوقف على {عليكم}.

                                                                                                                                                                                                                                      [والمراد بـ {اليوم} ههنا: يجوز أن يكون الحين والزمان، أو يكون أشار إلى الوقت الذي كشف نفسه فيه لهم، أو أشار إلى انقطاع توبيخه عنهم عند اعترافهم بالذنب].

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: اذهبوا بقميصي هذا الآية:

                                                                                                                                                                                                                                      روي: أن القميص كان من الجنة، كساه الله تعالى إبراهيم إذ ألقي في النار.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ولما فصلت العير أي: بالقميص من عند يوسف، قال ابن عباس: حملت الريح ريح يوسف إلى يعقوب عليه السلام مسيرة ثمانية أيام، وقال الحسن: مسيرة شهر، ويقال: إنه كان بالجزيرة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: لولا أن تفندون : قال ابن عباس: أي: تسفهون.

                                                                                                                                                                                                                                      عطاء، والضحاك: تكذبون.

                                                                                                                                                                                                                                      الحسن، ومجاهد: تهرمون، وذلك كله راجع إلى التعجيز وتضعيف الرأي.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 538 ] وقوله: قالوا تالله إنك لفي ضلالك القديم : قد تقدم معناه.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: إن الذي قال له ذلك من بقي معه من ولده، ولم يكن عندهم الخبر.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: قال له ذلك من كان معه من أهله وقرابته.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى: فلما أن جاء البشير : قيل: هو يهوذا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: قال سوف أستغفر لكم ربي : قيل: إنه أخر الاستغفار إلى آخر الليل.

                                                                                                                                                                                                                                      وعن ابن عباس: أخره إلى ليلة الجمعة، ورواه ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                                                                      فلما دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه : يروى: أن يعقوب لما دخل مع أهله إلى مصر؛ سأل يوسف ملك مصر أن يخرج هو والملوك؛ ليلقى يعقوب عليه السلام، ففعلوا، فلقوه وهو يمشي متوكئا على يهوذا، فقال ليوسف: السلام عليك يا مذهب الأحزان عني، فقال له يوسف: يا أبت؛ لم بلغت بنفسك من الحزن ما بلغت؟ أما كانت القيامة تجمعني وتجمعك؟ قال: بلى، ولكني تخوفت أن تبدل دينك؛ فلا نلتقي.

                                                                                                                                                                                                                                      ومعنى آوى إليه أبويه : ضمهما إليه.

                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن إسحاق: يعني: أباه وأمه.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 539 ] وقال السدي: يعني: أباه وخالته، وكانت أمه ماتت، وتزوج يعقوب أختها.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين : الاستثناء راجع إلى قوله: قال سوف أستغفر لكم ربي ؛ [والمعنى: سوف أستغفر لكم ربي] إن شاء الله، قاله ابن جريج.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: المعنى: ادخلوا مصر مقيمين إن شاء الله آمنين.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: قال لهم ذلك خارجا عن مصر حين خرج يتلقاهم.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية