الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير

                                                                                                                                                                                                                                      13 - يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى ؛ من آدم؛ وحواء؛ أو: كل واحد منكم من أب وأم؛ فما منكم من أحد إلا وهو يدلي بمثل ما يدلي به الآخر؛ سواء بسواء؛ فلا معنى للتفاخر؛ والتفاضل في النسب؛ وجعلناكم شعوبا وقبائل ؛ "الشعب": الطبقة الأولى من الطبقات الست؛ التي عليها العرب؛ وهي: الشعب؛ [ ص: 357 ] والقبيلة؛ والعمارة؛ والبطن؛ والفخذ؛ والفصيلة؛ فالشعب يجمع القبائل؛ والقبيلة تجمع العمائر؛ والعمارة تجمع البطون؛ والبطن يجمع الأفخاذ؛ والفخذ تجمع الفصائل؛ "خزيمة"؛ شعب؛ و"كنانة"؛ قبيلة؛ و"قريش"؛ عمارة؛ و"قصي"؛ بطن؛ و"هاشم"؛ فخذ؛ و"العباس"؛ فصيلة؛ وسميت "الشعوب"؛ لأن القبائل تشعبت منها؛ لتعارفوا ؛ أي: إنما رتبكم على شعوب وقبائل؛ ليعرف بعضكم نسب بعض؛ فلا يعتزى إلى غير آبائه؛ لا أن تتفاخروا بالآباء والأجداد؛ وتدعوا التفاضل في الأنساب؛ ثم بين الخصلة التي يفضل بها الإنسان غيره؛ ويكتسب الشرف والكرم عند الله؛ فقال: إن أكرمكم عند الله أتقاكم ؛ في الحديث: "من سره أن يكون أكرم الناس فليتق الله"؛ وعن ابن عباس - رضي الله عنهما -: "كرم الدنيا الغنى؛ وكرم الآخرة التقوى"؛ وروي أنه - صلى الله عليه وسلم - طاف يوم فتح مكة؛ فحمد الله؛ وأثنى عليه؛ ثم قال: "الحمد لله الذي أذهب عنكم عبية الجاهلية وتكبرها؛ يا أيها الناس؛ إنما الناس رجلان؛ مؤمن تقي كريم على الله؛ وفاجر شقي هين على الله"؛ ثم قرأ الآية؛ وعن يزيد بن شجرة: مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سوق المدينة؛ فرأى غلاما أسود يقول: من اشتراني فعلى شرط ألا يمنعني من الصلوات الخمس خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فاشتراه بعضهم؛ فمرض؛ فعاده رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ ثم توفي؛ فحضر دفنه؛ فقالوا في ذلك شيئا؛ فنزلت؛ إن الله عليم ؛ كرم القلوب وتقواها؛ خبير ؛ بهمم النفوس في هواها .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية