الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( نحن أعلم بما يقولون وما أنت عليهم بجبار فذكر بالقرآن من يخاف وعيد ( 45 ) )

يقول - تعالى ذكره - : نحن يا محمد أعلم بما يقول هؤلاء المشركون بالله من فريتهم على الله ، وتكذيبهم بآياته ، وإنكارهم قدرة الله على البعث بعد الموت . [ ص: 384 ] ( وما أنت عليهم بجبار ) يقول : وما أنت عليهم بمسلط .

كما حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم . قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ( وما أنت عليهم بجبار ) قال : لا تتجبر عليهم .

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله ( وما أنت عليهم بجبار ) فإن الله عز وجل كره الجبرية ، ونهى عنها ، وقدم فيها . وقال الفراء : وضع الجبار في موضع السلطان من الجبرية; وقال : أنشدني المفضل :


ويوم الحزن إذ حشدت معد وكان الناس إلا نحن دينا     عصينا عزمة الجبار حتى
صبحنا الجوف ألفا معلمينا

ويروى : " الجوف " وقال : أراد بالجبار : المنذر لولايته .

قال : وقيل : إن معنى قوله ( وما أنت عليهم بجبار ) لم تبعث لتجبرهم على الإسلام ، إنما بعثت مذكرا ، فذكر . وقال : العرب لا تقول فعال من أفعلت ، لا يقولون : هذا خراج ، يريدون : " مخرج " ، ولا يقولون : دخال ، يريدون : " مدخل " ، إنما يقولون : فعال ، من فعلت ويقولون : خراج ، من [ ص: 385 ] " خرجت " ; ودخال : من " دخلت " ; وقتال ، من " قتلت " . قال : وقد قالت العرب في حرف واحد : " دراك " ، من " أدركت " ، وهو شاذ .

قال : فإن قلت الجبار على هذا المعنى ، فهو وجه . قال : وقد سمعت بعض العرب يقول : جبره على الأمر ، يريد : أجبره ، فالجبار من هذه اللغة صحيح ، يراد به : يقهرهم ويجبرهم .

وقوله ( فذكر بالقرآن من يخاف وعيد ) يقول - تعالى ذكره - : فذكر يا محمد بهذا القرآن الذي أنزلته إليه من يخاف الوعيد الذي أوعدته من عصاني وخالف أمري .

حدثني نصر بن عبد الرحمن الأودي قال : ثنا حكام الرازي ، عن أيوب ، عن عمرو الملائي ، عن ابن عباس قال : قالوا يا رسول الله لو خوفتنا؟ فنزلت ( فذكر بالقرآن من يخاف وعيد ) .

حدثنا ابن حميد قال : ثنا حكام ، عن أيوب بن سيار أبي عبد الرحمن ، عن عمرو بن قيس قال : قالوا : يا رسول الله ، لو ذكرتنا ، فذكر مثله .

آخر تفسير سورة " ق "

التالي السابق


الخدمات العلمية