الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب منه

                                                                                                          2426 حدثنا سويد بن نصر أخبرنا ابن المبارك عن عثمان بن الأسود عن ابن أبي مليكة عن عائشة قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من نوقش الحساب هلك قلت يا رسول الله إن الله تعالى يقول فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا قال ذلك العرض قال أبو عيسى هذا حديث صحيح حسن ورواه أيوب أيضا عن ابن أبي مليكة

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( عن عثمان بن الأسود ) بن موسى المكي مولى بني جمح ، ثقة ثبت من كبار السابعة .

                                                                                                          قوله : ( من نوقش الحساب ) قال صاحب الفائق : يقال ناقشه الحساب إذا عاسره فيه واستقصى فلم يترك قليلا ولا كثيرا . وقال الحافظ : " الحساب " بالنصب على نزع الخافض والتقدير نوقش في الحساب ( هلك ) أي عذب في النار جزاء على السيئات التي أظهرها حسابه ( قلت يا رسول الله إن الله يقول : فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا ) وتمامه : وينقلب إلى أهله مسرورا ( قال : ذاك العرض ) بكسر الكاف وجوز الفتح على خطاب العام . والمعنى : إنما ذلك الحساب اليسير في قوله تعالى عرض عمله لا الحساب على وجه المناقشة .

                                                                                                          قال [ ص: 96 ] القرطبي : معنى قوله إنما ذاك العرض أن الحساب المذكور في الآية ، إنما هو أن تعرض أعمال المؤمن عليه حتى يعرف منة الله عليه في سترها عليه في الدنيا ، وفي عفوه عنها في الآخرة كما في حديث ابن عمر في النجوى ، انتهى .

                                                                                                          اعلم أنه وقع عند الشيخين في طريق ابن أبي مليكة عن القاسم بن محمد عن عائشة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- : ليس أحد يحاسب يوم القيامة إلا هلك . فقلت يا رسول الله أليس قد قال الله : ( فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا ) قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : إنما ذلك العرض الحديث فعلى هذه الرواية تظهر المعارضة بينها وبين قوله تعالى المذكور . قال الحافظ : وجه المعارضة أن لفظ الحديث عام في تعذيب كل من حوسب ولفظ الآية دال على أن بعضهم لا يعذب . وطريق الجمع أن المراد بالحساب في الآية العرض وهو إبراز الأعمال وإظهارها فيعرف صاحبها بذنوبه ثم يتجاوز عنه ، انتهى .

                                                                                                          قلت : ولا يظهر وجه المعارضة بين رواية الباب بلفظ : من نوقش الحساب هلك وبين قوله تعالى المذكور ، فتفكر .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث صحيح حسن ) وأخرجه الشيخان .




                                                                                                          الخدمات العلمية