الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            559 - ( وعن عبد الرحمن بن غنم قال : حدثني أبو عامر أو أبو مالك الأشجعي أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول { : ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الخز والحرير وذكر كلاما قال : يمسخ منهم آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة } . رواه أبو داود والبخاري تعليقا وقال فيه : { يستحلون الخز والحرير والخمر والمعازف } ) .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الحديث رجال إسناده في سنن أبي داود ثقات وقد وهم المصنف رحمه اللهفقال أبو مالك الأشجعي وليس كذلك بل هو الأشعري .

                                                                                                                                            قوله : ( ليكونن من أمتي ) استدل بهذا على أن استحلال المحرمات لا يوجب لفاعله الكفر والخروج عن الأمة .

                                                                                                                                            قوله : ( الخز ) بالخاء المعجمة والزاي وهو الذي نص عليه الحميدي وابن الأثير وذكره أبو موسى في باب الحاء والراء المهملتين وهو الفرج ، وكذلك ابن رسلان في شرح السنن ضبطه بالمهملتين ، وقال : وأصله حرح فحذف أحد الحاءين وجمعه أحراح كفرخ وأفراخ . ومنهم من شدد الراء وليس بجيد يريد أنه يكثر فيهم الزنا . قال في النهاية : والمشهور الأول وقد تقدم تفسير الخز ، وعطف الحرير على الخز يشعر بأنهما متغايران .

                                                                                                                                            قوله : ( آخرين ) وفي رواية " آخرون " .

                                                                                                                                            قوله : ( قردة ) بكسر القاف وفتح الراء جمع قرد ، وفي ذلك دليل على أن المسخ واقع في هذه الأمة . وروى ابن أبي الدنيا في كتاب الملاهي عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ [ ص: 109 ] { يمسخ قوم من هذه الأمة في آخر الزمان قردة وخنازير ، فقالوا : يا رسول الله أليس يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، قال : بلى ويصومون ويصلون ويحجون قالوا : فما بالهم ؟ قال : اتخذوا المعازف والدفوف والقينات فباتوا على شربهم ولهوهم فأصبحوا وقد مسخوا قردة وخنازير وليمرن الرجل على الرجل في حانوته يبيع فيرجع إليه ، وقد مسخ قردا أو خنزيرا } . قال أبو هريرة : لا تقوم الساعة حتى يمشي الرجلان في الأمر فيمسخ أحدهما قردا أو خنزيرا ، ولا يمنع الذي نجا منهما ما رأى بصاحبه أن يمضي إلى شأنه حتى يقضي شهوته

                                                                                                                                            قوله : ( والمعازف ) بعين مهملة فزاي معجمة ، وهي أصوات الملاهي ، قاله ابن رسلان ، وفي القاموس المعازف : الملاهي كالعود والطنبور انتهى .

                                                                                                                                            والكلام الذي أشار إليه المصنف تبعا لأبي داود بقوله : وذكر كلاما هو ما ذكره البخاري بلفظ { ولينزلن أقوام إلى جنب علم يروح عليهم بسارحة لهم يأتيهم يعني الفقير لحاجته فيقولون : ارجع إلينا غدا فيبيتهم الله ويضع العلم عليهم } انتهى . والعلم بفتح العين المهملة واللام هو الجبل ، ومعنى يضع العلم عليهم أي يدكدكه عليهم فيقع . والحديث يدل على تحريم الأمور المذكورة في الحديث للتوعد عليها بالخسف والمسخ وإنما لم يسند البخاري الحديث بل علقه في كتاب الأشربة من صحيحه لأجل الشك الواقع من المحدث ، حيث قال أبو عامر وأبو مالك ، وأبو عامر هو عبد الله بن هانئ الأشعري صحابي نزل الشام وقيل : هو عبيد بن وهب ، وأبو مالك هو الحارث ، وقيل : كعب بن عاصم صحابي يعد في الشاميين .




                                                                                                                                            الخدمات العلمية