الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
          صفحة جزء
          الفصل الثامن : في ذكر تفضيله - صلى الله عليه وسلم - في القيامة بخصوص الكرامة

          [ حدثنا القاضي أبو علي ، حدثنا أبو الفضل ، وأبو الحسين ، قالا : حدثنا أبو يعلى حدثنا السنجي ، حدثنا ابن محبوب ، حدثنا الترمذي ، حدثنا الحسين بن يزيد الكوفي ، حدثنا عبد السلام بن حرب ، عن ليث ، عن الربيع بن أنس ، عن أنس - رضي الله عنه - ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أنا أول الناس خروجا إذا بعثوا ، وأنا خطيبهم إذا ، وفدوا ، وأنا مبشرهم إذا أيسوا ، لواء الحمد بيدي ، وأنا أكرم ولد آدم على ربي ، ولا فخر .

          وفي رواية ابن زخر ، عن الربيع بن أنس - في لفظ هذا الحديث : أنا أول الناس خروجا إذا بعثوا ، وأنا قائدهم إذا وفدوا ، وأنا خطيبهم إذا أنصتوا ، وأنا شفيعهم إذا حبسوا ، وأنا مبشرهم إذا أبلسوا ، لواء الكرم بيدي ، وأنا أكرم ولد آدم على ربي ، ولا فخر ، ويطوف علي ألف خادم كأنهم [ ص: 245 ] لؤلؤ مكنون .

          وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - : وأكسى حلة من حلل الجنة ، ثم أقوم عن يمين العرش ليس أحد من الخلائق يقوم ذلك المقام غيري .

          وعن أبي سعيد ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ، وبيدي لواء الحمد ، ولا فخر ، وما نبي يومئذ ، آدم فمن سواه ، إلا تحت لوائي ، وأنا أول من تنشق عنه الأرض ، ولا فخر .

          وعن أبي هريرة ، عنه - صلى الله عليه وسلم - : أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ، وأول من ينشق عنه القبر ، وأول شافع ، وأول مشفع .

          وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - : أنا حامل لواء الحمد يوم القيامة ، ولا فخر ، وأنا أول شافع ، وأنا أول مشفع ، ولا فخر ، وأنا أول من يحرك حلق الجنة ، فيفتح لي فأدخلها ، ومعي فقراء المؤمنين ، ولا فخر ، وأنا أكرم الأولين ، والآخرين ، ولا فخر .

          وعن أنس : أنا أول الناس يشفع في الجنة ، وأنا أكثر الناس تبعا .

          وعن أنس - رضي الله عنه - ، قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنا سيد الناس يوم القيامة ، وتدرون بم ذلك ؟ يجمع الله الأولين ، والآخرين ، وذكر حديث الشفاعة .

          وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه - صلى الله عليه وسلم - قال : أطمع أن أكون أعظم الأنبياء أجرا يوم القيامة .

          وفي حديث آخر : أما ترضون أن يكون إبراهيم ، وعيسى فيكم يوم القيامة ثم قال إنهما في أمتي يوم القيامة ، أما إبراهيم فيقول : أنت دعوتي ، وذريتي ، فاجعلني من أمتك . وأما عيسى فالأنبياء إخوة بنو علات ، أمهاتهم شتى ، وإن عيسى أخي ليس بيني ، وبينه نبي ، وأنا أولى الناس به .

          قوله : أنا سيد الناس يوم القيامة : هو سيدهم في الدنيا ، ويوم القيامة . ولكن أشار - صلى الله عليه وسلم - لانفراده فيه بالسؤدد ، والشفاعة دون غيره ، إذ لجأ الناس إليه في ذلك ، فلم يجدوا سواه .

          والسيد : هو الذي يلجأ الناس إليه في حوائجهم ، فكان حينئذ سيدا منفردا من بين البشر ، لم يزاحمه أحد في ذلك ، ولا ادعاه ، [ ص: 246 ] كما قال - تعالى - : لمن الملك اليوم لله الواحد القهار [ غافر : 16 ] . والملك له - تعالى - في الدنيا والآخرة ، لكن في الآخرة انقطعت دعوى المدعين لذلك في الدنيا .

          وكذلك لجأ إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - جميع الناس في الشفاعة ، فكان سيدهم في الأخرى دون دعوى .

          وعن أنس - رضي الله عنه - ، قال : قال رسول الله : آتي باب الجنة يوم القيامة ، فأستفتح فيقول الخازن : من أنت ؟ فأقول : محمد . فيقول : بك أمرت ألا أفتح لأحد قبلك .

          وعن عبد الله بن عمرو : قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حوضي مسيرة شهر ، وزواياه سواء ، وماؤه أبيض من الورق ، وريحه أطيب من المسك ، كيزانه كنجوم السماء ، من شرب منه لم يظمأ أبدا .

          وعن أبي ذر نحوه ، وقال : طوله ما بين عمان إلى أيلة ، يشخب فيه ميزابان من الجنة .

          وعن ثوبان مثله ، وقال : أحدهما من ذهب ، والآخر من ورق .

          وفي رواية حارثة بن وهب : كما بين المدينة وصنعاء .

          وقال أنس : أيلة وصنعاء .

          وقال ابن عمر : كما بين الكوفة ، والحجر الأسود .

          وروى حديث الحوض أيضا أنس ، وجابر بن [ ص: 247 ] سمرة ، وابن عمر ، وعقبة بن عامر ، وحارثة بن وهب الخزاعي ، والمستورد ، وأبو برزة الأسلمي ، وحذيفة بن اليمان وأبو أمامة ، وزيد بن أرقم ، وابن مسعود ، وعبد الله بن زيد ، وسهل بن سعد ، وسويد بن جبلة ، وأبو بكر ، وعمر بن الخطاب ، وابن بريدة ، وأبو سعيد الخدري ، وعبد الله الصنابحي ، وأبو هريرة ، والبراء ، وجندب ، وعائشة ، وأسماء بنتا أبي بكر ، وأبو بكرة ، وخولة بنت قيس ، وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين .

          التالي السابق


          الخدمات العلمية