الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      [ ص: 39 ] قال المصنف - رحمه الله تعالى - ( وإن حمل محرم محرما وطاف به ونويا لم يجز عنهما جميعا لأنه طواف واحد فلا يسقط به طوافان ، ولمن يكون الطواف ؟ فيه قولان ( أحدهما ) للمحمول ; لأن الحامل كالراحلة ( والثاني ) أنه للحامل لأن المحمول لم يوجد منه فعل وإنما الفعل للحامل فكان الطواف له ) .

                                      التالي السابق


                                      ( الشرح ) هذان القولان مشهوران في كتب العراقيين وذكرهما بعض الخراسانيين ، قال القاضي أبو الطيب في كتابه التعليق : نص الشافعي في الإملاء أن الطواف للحامل ، ونص في مختصر الحج أنه للمحمول ( والأصح ) أنه للحامل ممن صححه القاضي أبو الطيب في كتابيه وصاحب الشامل والجرجاني في التجريد وصاحب العدة والعبدري وآخرون ، وفي المسألة قول ثالث أنه يقع الطواف عنهما ، هكذا حكاه صاحب العدة وغيره قولا ، وحكاه المتولي وغيرهما وجها ، قال صاحب العدة : رأيت للشافعي قولا أنه يقع الطواف عنهما قال : رأيت في مختصر لبعض أصحاب المزني سماه كتاب المسافر ، وهذا القول مذهب أبي حنيفة ، واحتجوا له بأنه وجد الطواف منهما مع نيتهما فوقع عن كل منهما كما لو وقفا بعرفات كذلك . وأجاب الأصحاب عن هذا بأن الوقوف لا يشترط فيه فعل ، إنما يشترط السكون فيها ، فأجزأهما بخلاف الطواف ، فحصل في المسألة ثلاثة أقوال ( أصحها ) وقوع الطواف عن الحامل فقط ( والثاني ) عن المحمول فقط ( والثالث ) عنهما ، هذا كله إذا نوى الحامل والمحمول الطواف ، فأما إذا نوى المحمول دون الحامل ولم يكن الحامل محرما فيقع عن المحمول بلا خلاف ، وسلك إمام الحرمين والبغوي وغيرهما من [ ص: 40 ] الخراسانيين طريقة أخرى اختصرها الرافعي وجمع متفرقها فقال : لو حمل رجل محرما من صبي أو مريض أو غيرهما وطاف به ، فإن كان الحامل حلالا أو محرما قد طاف عن نفسه حسب الطواف للمحمول بشرطه ، وإن كان محرما ولم يطف عن نفسه نظر إن قصد الطواف عن المحمول فثلاثة أوجه : ( أحدها ) يقع للمحمول فقط تخريجا على قولنا : يشترط أن لا يصرف إلى غرض آخر ، وهو الأصح .

                                      ( والثاني ) يقع عن الحامل فقط تخريجا على قولنا : لا يشترط ذلك ، فإن الطواف حينئذ يكون محسوبا له فلا ينصرف عنه ، بخلاف ما إذا حمل محرمين وطاف بهما وهو حلال أو محرم قد طاف عن نفسه ، فإنه يجزئهما جميعا لأن الطواف غير محسوب للحامل ، فيكون المحمولان كراكبي دابة .

                                      ( والثالث ) يقع عنهما جميعا . وإن قصد الطواف عن نفسه وقع عنه ، ولا يحسب عن المحمول . قاله إمام الحرمين . ونقل اتفاق الأصحاب عليه ، قال وكذا لو قصد الطواف لنفسه وللمحمول ، وحكى البغوي وجهين في حصوله للحمل مع الحامل . ولو لم يقصد شيئا من الأقسام فهو كما لو قصد نفسه أو كليهما ، قال أصحابنا : وسواء في الصبي المحمول حمله وليه الذي أحرم عنه أو غيره .




                                      الخدمات العلمية