الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
هل في الكتابة شيء تكرهه ( قال الشافعي ) : رضي الله تعالى عنه وإذا أراد الرجل كتابة عبده غير قوي ولا أمين ، أو لا أمينة كذلك أو غير ذات صنعة لم أكره ذلك من قبل تطوعه بالكتابة ، وهي مباحة إذا أبيحت في القوي الأمين أبيحت في غيره . والثاني من قبل أن المكاتب قد يكون قويا بما فرض الله عز وجل له في الصدقات ، فإن الله تبارك وتعالى فرض فيها للرقاب وهم عندنا المكاتبون ، ولهذا لم أكره كتابة الأمة غير ذات الصنعة لرغبة الناس في الصدقة متطوعين على المكاتبين ، قال : ولم يشبه الكتابة أن تكلف الأمة الكسب ; لأنها لا حق لها إذا كلفت كسبا بلا كتابة في الصدقات ولا رغبة الناس في الصدقة عليها متطوعين كرغبتهم في الصدقة عليها مكاتبة ( قال ) : وعلى الحاكم أن يمنع الرجل أن يخارج عبده إذا كان ذا صنعة مكتسبا إذا كره ذلك العبد ، ولكن يؤاجره وينفق عليه إن شاء ولا أكره لأحد أن يأخذ من مكاتبته صدقات الناس فريضة ونافلة ، فأما الفريضة فهي كما ملك المكاتب ، وأما النافلة فشيء صار له بالعطاء والقبض ، وقد { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يأكل الصدقة فأكل من صدقة تصدق بها على بريرة ، وقال : هي لنا هدية وعليها صدقة } ، وكذلك الصدقة على المكاتب ، وهي للسيد تحق كحق الغريم على رجل تصدق عليه ( قال ) : ومن أين أدى المكاتب إلى سيده حلالا له فعليه أن يقبله ويجبر على قبوله إلا أن يعلم أنه أدى إليه من حرام فلا يحل قبول الحرام ( قال ) : فإن قال المكاتب : كسبته من حلال جبر الحاكم سيده على أخذه ، أو إبرائه منه ولا يحل لسيده أخذه إذا علمه من حرام ، فإن سأل سيد العبد الحاكم إحلاف مكاتبه ما أصابه من حرام فعلى الحاكم أن يحلفه ، فإن نكل وحلف السيد لقد أصابه من حرام لم يجبره على أخذه وقال للمكاتب : أد إليه من حلال ، أو من شيء لا نعرفه حراما فإن فعل جبره على أخذه وإلا عجزه إن شاء سيده ( قال ) : ولا يجبره إلا على أخذ الذي كاتبه .

[ ص: 35 ] عليه إن كاتبه على دنانير لم يجبره على أخذ دراهم ، وإن كاتبه على عرض لم يجبره على أخذ دراهم ، وإن كاتبه على عوض لم يجبره على أخذ قيمته ولكنه لو كاتبه على دنانير جياد فأدى إليه من رأسه مثاقيل جياد أجبره على أخذها ; لأن اسم الجودة يقع عليها وعلى ما دونها وهي تصلح لما لا تصلح له الجياد غيرها من دنانير أو دراهم مما يقع عليه اسم الجودة ولو كاتبه على دنانير جدد جياد من ضرب سنة كذا فأدى إليه خيرا منها من ضرب غير تلك السنة فإن كانت الدنانير التي شرط تنفق ببلده ولا ينفق بها الذي أعطاه لم يجبر عليها وإن كانت خيرا وهكذا هذا في التمر والعروض ولو كاتبه بتمر عجوة فأدى إليه صيحانيا وهو خير من العجوة لم يجبر على أخذه ويجبر على عجوة أجود من شرطه بجميع صفته ويزيد الفضل على ما بيع عليه صفته إلا أن يكون يصلح شرطه لغير ما يصلح له ما أعطاه أو ينفق ببلده ولا ينفق به ما أعطاه .

التالي السابق


الخدمات العلمية