الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        قال رحمه الله ( وبناء على ساجة ) يعني إذا بنى على الساجة زال ملك مالكها عنها وأطلق في العبارة فشمل ما إذا كانت قيمة الساجة أكثر أو قيمة البناء وقال في الذخيرة هذا فيما إذا كان قيمة البناء أكثر من قيمة الساجة ، أما إذا كان قيمة الساجة أكثر من قيمة البناء فلا يملكها وله أخذها والظاهر من التقييد بالبناء على الساجة أنه لو بنى على الأرض التي لا يتصور غصبها لا يملكها وفي المضمرات ولو غصب أرضا وبنى فيها وقيمة البناء أكثر من قيمة الأرض لا سبيل للمغصوب منه على الأرض ويضمن الغاصب قيمة أرضه وهكذا روي عن أبي القاسم الدباسي وفي الحاوي غصب من آخر دارا أو أرضا وبنى فيها بناء أو زرع فقلع صاحبها الزرع وهدم البناء لا يضمن بشرط أن لا يكسر خشب الغاصب ولا آجره وفي الأصل غصب أرضا وبنى فيها فجاء صاحب الأرض وأخذ الأرض فأراد الغاصب أن يأخذ الحائط ، فإن كان الغاصب بنى الحائط من تراب هذه الأرض [ ص: 132 ] ليس له النقض والحائط لصاحب الأرض ، وإن بنى الحائط لا من تراب هذه الأرض فله النقض وفي فتاوى سمرقند رجل بنى حائطا في كرم رجل من تراب كرمه بغير أمره ، فإن لم يكن للتراب قيمة فهي لصاحب الأرض ، وإن كان للتراب قيمة فالحائط للباني وعليه قيمة البناء . ا هـ .

                                                                                        ولم يذكر في الأصل ما إذا أراد الغاصب أن ينقض البناء ويرد الساجة هل يحل له ذلك وهذا على وجهين إن كان القاضي قضى عليه بالقيمة لا يحل له ذلك ، وإن نقض لم يستطع رد البناء ، وإن كان القاضي لم يقض عليه بالقيمة اختلف المشايخ قال بعضهم لا يملك النقض وقال بعضهم لا يحل له لما فيه من تضييع المال من غير فائدة وفي فتاوى النسفي سئل عمن غصب ساجة فأدخلها في بنائه أو تالة فغرسها في أرضه أو غصنا فوصله بشجرة فوهبها الغاصب من المغصوب يبرأ عن الضمان بهذه الهبة قال نعم قيل ولو قال المغصوب منه للغاصب وهبت لك الساجة أو التالة أو الغصن قال نعم قيل كيف وقد وهب المغصوب منه للغاصب ما لا يملكه الواهب ; لأن حقه قد انقطع ووجب الضمان على الغاصب قال بلى وهذا في المعنى إبراء له عن الضمان الواجب عليه بسبب هذه العين وفي الخانية كسر غصنا لرجل ضمن النقصان ولو كان الكسر فاحشا بأن صار حطبا أو وتدا وفي الأصل غصب من آخر دارا ونقشها بعشرة آلاف ثم جاء رب الدار قيل له إن شئت فخذ الدار وأعط الغاصب ما زاد فيها .

                                                                                        وفي الذخيرة مشتري الدار من الغاصب إذا هدمها وأدخلها في بنائه ثم حضر المالك ، فإن كان البناء قليلا يتيسر رفعه يرفعه ويرده على المالك ، وإن كان كثيرا يتعذر رفعه ، وإن شاء لا يرفعه بل يتركه ويضمن المشتري قيمة البناء الأول وفي القدوري ولو غصب من آخر دارا وجصصها ثم ردها قيل لصاحبها أعط ما زاد التجصيص فيها إلا أن يرضى صاحب الدار أن يأخذ الغاصب ما جصصه قال هشام قلت لمحمد في رجل وثب على باب مقلوع ونقشه بالأصابع قال سبيله سبيل الدار قلت : وإن كان نقشه بالنقر وليس بالأصابع قال فهذا مال مستهلك بالباب وعليه قيمته والباب له وكذا لو نقش إناء فضة بالنقر وذكر الكرخي أنه موضوع مسألة الساجة إذا بنى الغاصب حول الساجة أما لو بنى على نفس الساجة لا يبطل ملك المالك بل ينقض وهو اختيار الفقيه أبي جعفر الهندواني ; لأنه إذا بنى حولها لم يكن متعديا وإذا بنى عليها كان متعديا والصحيح أن الجواب في الموضعين على حد واحد كذا في البدائع

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية