الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
2415 - وعن عبد الرحمن بن أبزى قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول إذا أصبح : ( أصبحنا على فطرة الإسلام وكلمة الإخلاص وعلى دين نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - وعلى ملة أبينا إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين ) . رواه أحمد والدارمي .

التالي السابق


2415 - ( وعن عبد الرحمن بن أبزى ) بفتح همزة وسكون موحدة بعدها زاي ، قال المؤلف : أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - وصلى خلفه ، وهو معدود في الصحابة ( قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول إذا أصبح : أصبحنا على فطرة الإسلام ) أي : خلقته ، قيل : الفطرة الخلقة من الفطر كالخلقة من الخلق في أنها اسم للحالة ، ثم إنها جعلت اسما للخلقة القابلة لدين الحق على الخصوص ، ومنه قوله تعالى : فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها وحديث ( كل مولود يولد على الفطرة ) ( وكلمة الإخلاص ) أي : التوحيد الخالص المخلص من الحجاب في الدنيا ومن العقاب في العقبى ، وهي كلمة التوحيد ، والكلمة الطيبة لا إله إلا الله محمد رسول الله ( وعلى دين نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - ) وهو أخص مما قبله لأن ملل الأنبياء كلهم تسمى إسلاما على الأشهر لقوله تعالى : إن الدين عند الله الإسلام ولقول إبراهيم : ( أسلمت لرب العالمين ) ولوصية يعقوب لبنيه : فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون قال التوربشتي : كذا في الحديث وهو غير ممتنع ولعله - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك جهرا ليسمعه غيره فيتعلم ، أقول : لا وجه لقوله : لعل ، فإن الرواية متفرعة على السماع وهو لا يتحقق إلا بالجهر ( وعلى ملة أبينا إبراهيم ) - صلى الله عليه وسلم - هو أبو العرب ، فإنهم من نسل إسماعيل ، ففيه تغليب ، أو الأنبياء بمنزلة الآباء ، ولذا قال تعالى : النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وفي قراءة شاذة " وهو أب لهم " وإنما احتيج لهذا التخصيص لقوله تعالى : أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا أي : في أصول الدين ، أو في بعض الفروع كالختان وبقية العشرة من السنن المشهورة ( حنيفا ) أي : مائلا عن الأديان الباطلة إلى الملة الثابتة العادلة ، وضده الملحد ، والإلحاد في اللغة مطلق الميل ، قيل : الحنيف المسلم المستقيم ، وغلب هذا الوصف على إبراهيم الخليل ، أو المراد به ( مسلما ) أي : منقادا كاملا بحيث لا يلتفت إلى غيره تعالى حتى قال : لجبريل " أما إليك فلا " ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم - بعثت بالحنيفية السمحة ( وما كان من المشركين ) فيه رد على كفار العرب في قولهم : نحن على دين أبينا إبراهيم ، وتعريض باليهود والنصارى ، ثم هو مع ما قبله من الأحوال المتداخلة أتى بها تقريرا وصيانة للمعنى المراد تحقيقا عما يتوهم من أنه يجوز أن يكون ( حنيفا ) حالا منتقلة ، فرد ذلك التوهم بأنه لم يزل موحدا ، وأنها مثبتة لأنها حال مؤكدة ( رواه أحمد والدارمي ) وكذا النسائي في سننه والطبراني في الكبير ، إلا أنه عند أحمد والطبراني في الصباح والمساء جميعا ، وعند النسائي في الصباح فقط ، كذا نقله الجزري ، وقال صاحب السلاح : أخرجه النسائي من طرق ورجال إسناده رجال الصحيح




الخدمات العلمية