الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون

                                                                                                                                                                                                                                        (179) يقول تعالى مبينا كثرة الغاوين الضالين، المتبعين إبليس اللعين: ولقد ذرأنا أي: أنشأنا وبثثنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس صارت البهائم أحسن حالة منهم.

                                                                                                                                                                                                                                        لهم قلوب لا يفقهون بها أي: لا يصل إليها فقه ولا علم، إلا مجرد قيام الحجة.

                                                                                                                                                                                                                                        ولهم أعين لا يبصرون بها ما ينفعهم، بل فقدوا منفعتها وفائدتها.

                                                                                                                                                                                                                                        ولهم آذان لا يسمعون بها سماعا يصل معناه إلى قلوبهم.

                                                                                                                                                                                                                                        أولئك الذين بهذه الأوصاف القبيحة كالأنعام أي: البهائم، التي فقدت العقول، وهؤلاء آثروا ما يفنى على ما يبقى، فسلبوا خاصية العقل.

                                                                                                                                                                                                                                        بل هم أضل من البهائم، فإن الأنعام مستعملة فيما خلقت له، ولها أذهان، تدرك بها، مضرتها من منفعتها، فلذلك كانت أحسن حالا منهم.

                                                                                                                                                                                                                                        أولئك هم الغافلون الذين غفلوا عن أنفع الأشياء، غفلوا عن الإيمان بالله وطاعته وذكره.

                                                                                                                                                                                                                                        خلقت لهم الأفئدة والأسماع والأبصار، لتكون عونا لهم على القيام بأوامر الله وحقوقه، فاستعانوا بها على ضد هذا المقصود.

                                                                                                                                                                                                                                        فهؤلاء حقيقون بأن يكونوا ممن ذرأ الله لجهنم وخلقهم لها، فخلقهم للنار، وبأعمال أهلها يعملون.

                                                                                                                                                                                                                                        وأما من استعمل هذه الجوارح في عبادة الله، وانصبغ قلبه بالإيمان بالله ومحبته، ولم يغفل عن الله، فهؤلاء، أهل الجنة، وبأعمال أهل الجنة يعملون.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية