الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ المسألة الثانية ]

[ إذا أسلم أحد الزوجين قبل الأخر ]

وأما إذا أسلم أحدهما قبل الآخر ( وهي المسألة الثانية ) ثم أسلم الآخر : فإنهم اختلفوا في ذلك ، فقال مالك وأبو حنيفة ، والشافعي : إنه إذا أسلمت المرأة قبله : فإنه إن أسلم في عدتها كان أحق بها ، وإن أسلم هو وهي كتابية فنكاحها ثابت ، لما ورد في ذلك من حديث صفوان بن أمية ، وذلك : " أن زوجه عاتكة بنت الوليد بن المغيرة أسلمت قبله ، ثم أسلم هو ، فأقره رسول الله صلى الله عليه وسلم على نكاحه " . قالوا : وكان بين إسلام صفوان وبين إسلام امرأته نحو من شهر .

قال ابن شهاب : ولم يبلغنا أن امرأة هاجرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوجها كافر مقيم بدار الكفر إلا فرقت هجرتها بينها وبين زوجها ، إلا أن يقدم زوجها مهاجرا قبل أن تنقضي عدتها .

وأما إذا أسلم الزوج قبل إسلام المرأة فإنهم اختلفوا في ذلك ، فقال مالك : إذا أسلم الزوج قبل المرأة وقعت الفرقة إذا عرض عليها الإسلام فأبت . وقال الشافعي : سواء أسلم الرجل قبل المرأة ; أو المرأة قبل الرجل إذا وقع الإسلام المتأخر في العدة ثبت النكاح .

وسبب اختلافهم : معارضة العموم للأثر والقياس :

وذلك أن عموم قوله تعالى : ( ولا تمسكوا بعصم الكوافر ) يقتضي المفارقة على الفور .

وأما الأثر المعارض لمقتضى هذا العموم : فما روي : " من أن أبا سفيان بن حرب أسلم قبل هند بنت عتبة امرأته ، وكان إسلامه بمر الظهران ، ثم رجع إلى مكة وهند بها كافرة ، فأخذت بلحيته ، وقالت : اقتلوا الشيخ الضال ، ثم أسلمت بعده بأيام فاستقرا على نكاحهما " .

وأما القياس المعارض للأثر : فلأنه يظهر أنه لا فرق بين أن تسلم هي قبله ، أو هو قبلها ، فإن كانت العدة معتبرة في إسلامها قبل فقد يجب أن تعتبر في إسلامه أيضا قبل .

التالي السابق


الخدمات العلمية