الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        في مسائل منثورة

                                                                                                                                                                        إحداها : قال ابن المرزبان : من أكل بعض لحم الأضحية ، وتصدق ببعضها ، هل يثاب على الكل ، أو على ما تصدق به ؟ وجهان كالوجهين فيمن نوى صوم التطوع ضحوة ، هل يثاب من أول النهار أم من وقته ؟ وينبغي أن يقال : له ثواب التضحية بالكل ، والتصدق بالبعض .

                                                                                                                                                                        قلت : هذا الذي قاله الرافعي ، هو الصواب الذي تشهد به الأحاديث والقواعد . وممن جزم به تصريحا الشيخ الصالح إبراهيم المروروذي . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        الثانية : في جواز الصرف من الأضحية إلى المكاتب وجهان : في وجه : يجوز كالزكاة .

                                                                                                                                                                        قلت : الأصح : الجواز . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        الثالثة : قال ابن كج : من ذبح شاة ، وقال : أذبح لرضى فلان ، حلت الذبيحة ؛ لأنه لا يتقرب إليه ، بخلاف من تقرب بالذبح إلى الصنم . وذكر [ ص: 228 ] الروياني : أن من ذبح للجن وقصد به التقرب إلى الله تعالى ليصرف شرهم عنه ، فهو حلال ، وإن قصد الذبح لهم فحرام .

                                                                                                                                                                        الرابعة : قال في " البحر " : قال أبو إسحاق : من نذر الأضحية في عام ، فأخر عصى ، ويقضي كمن أخر الصلاة .

                                                                                                                                                                        الخامسة : قال الروياني : من ضحى بعدد ، فرقه على أيام الذبح ، فإن كان شاتين ، ذبح شاة في اليوم الأول ، والأخرى في آخر الأيام .

                                                                                                                                                                        قلت : هذا الذي قاله ، وإن كان أرفق بالمساكين ، إلا أنه خلاف السنة ، فقد نحر النبي صلى الله عليه وسلم في يوم واحد مائة بدنة أهداها ، فالسنة : التعجيل والمسارعة إلى الخيرات ، والمبادرة بالصالحات ، إلا ما ثبت خلافه . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        السادسة : محل التضحية ، بلد المضحي ، بخلاف الهدي . وفي نقل الأضحية ، وجهان ، تخريجا من نقل الزكاة .

                                                                                                                                                                        السابعة : الأفضل أن يضحي في بيته بمشهد أهله . وفي " الحاوي " : أنه يختار الإمام أن يضحي للمسلمين كافة من بيت المال ببدنة ، ينحرها في المصلى . فإن لم يتيسر ، فشاة ، وأنه يتولى النحر بنفسه ، وإن ضحى من ماله ، ضحى حيث شاء .

                                                                                                                                                                        قلت : قال الشافعي رحمه الله في " البويطي " : الأضحية سنة على كل من وجد السبيل من المسلمين من أهل المدائن والقرى ، والحاضر والمسافر ، والحاج من أهل منى وغيرهم ، من كان معه هدي ، ومن لم يكن . هذا نصه بحروفه . وفيه رد على ما حكاه العبدري في كتابه " الكفاية " : أن الأضحية سنة ، إلا في حق الحاج بمنى ، فإنه لا أضحية عليهم ؛ لأن ما ينحر بمنى هدي ، وكما لا يخاطب الحاج في منى بصلاة العيد ، فكذا الأضحية . وهذا الذي قاله فاسد مخالف للنص الذي ذكرته .

                                                                                                                                                                        [ ص: 229 ] وقد صرح القاضي أبو حامد في " جامعه " وغيره من أصحابنا : بأن أهل منى كغيرهم في الأضحية ، وثبت في صحيحي البخاري ومسلم : أن النبي صلى الله عليه وسلم " ضحى في منى عن نسائه بالبقر " . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية