الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وآتوا اليتامى أموالهم ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم إنه كان حوبا كبيرا

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: وآتوا اليتامى أموالهم سبب نزولها: أن رجلا من غطفان كان معه مال كثير لابن أخ له يتيم ، فلما بلغ ، طلب ماله فمنعه ، فخاصمه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت ، قاله سعيد بن جبير . والخطاب بقوله: "وآتوا" للأولياء والأوصياء . قال الزجاج : وإنما سموا يتامى بعد البلوغ ، بالاسم الذي كان لهم ، وقد كان يقال للنبي صلى الله عليه وسلم: يتيم أبي طالب .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 5 ] قوله: ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب قرأ ابن محيصن: "تبدلوا" بتاء واحدة . ثم في معنى الكلام قولان .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدهما: أنه إبدال حقيقة ، ثم فيه قولان .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدهما: أنه أخذ الجيد ، وإعطاء الرديء مكانه ، قاله سعيد بن المسيب ، والضحاك ، والنخعي ، والزهري ، والسدي . قال السدي: كان أحدهم يأخذ الشاة السمينة من غنم اليتيم ، ويجعل مكانها المهزولة ، ويأخذ الدراهم الجياد ، ويطرح مكانها الزيوف .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني: أنه الربح على اليتيم ، واليتيم غر لا علم له ، قاله عطاء .

                                                                                                                                                                                                                                      والقول الثاني: أنه ليس بإبدال حقيقة ، وإنما هو أخذه مستهلكا ، ثم فيه قولان .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدهما: أنهم كانوا لا يورثون النساء والصغار ، وإنما يأخذ الميراث الأكابر من الرجال ، فنصيب الرجل من الميراث طيب ، وما أخذه من حق اليتيم خبيث ، هذا قول ابن زيد .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني: أنه أكل مال اليتيم بدلا من أكل أموالهم ، قاله الزجاج .

                                                                                                                                                                                                                                      و"إلى" بمعنى: "مع" والحوب: الإثم . وقرأ الحسن ، وقتادة ، والنخعي ، بفتح الحاء .

                                                                                                                                                                                                                                      قال الفراء: أهل الحجاز يقولون: حوب بالضم ، وتميم يقولونه بالفتح .

                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن الأنباري: وقال الفراء: المضموم الاسم ، والمفتوح المصدر . قال ابن قتيبة: وفيه ثلاث لغات: حوب ، وحوب ، وحاب .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية