الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 298 ] وباشتراكهما بالذمم أن يشتريا بلا مال وهو بينهما

التالي السابق


وذكر شركة الذمم وتسمى شركة الوجوه أيضا فقال ( و ) فسدت الشركة ( باشتراكهما ) أي الشخصين ( بالذمم ) بكسر الذال المعجمة جمع ذمة بكسرها وشد الميم وهي أن يتفقا على ( أن يشتريا ) ما تيسر لهما أو أحدهما ( بلا مال ) مشترك بينها يدفعان منه ثمن ما يشتريانه أو أحدهما ، ويكون ثمنه دينا بذمتهما ، وبين الحكم بعد الوقوع فقال ( وهو ) أي ما اشترياه أو أحدهما مشترك ( بينهما ) عند ابن القاسم . وقال سحنون ما يشتريه أحدها يختص به في المدونة لا تجوز الشركة إلا بالأموال أو بعمل الأبدان إن كان صنعة واحدة فأما بالذمم بغير مال على أن يضمن كل واحد منهما ما ابتاع الآخر فلا تجور كانا ببلد واحد أو ببلدين يجهز كل منهما لصاحبه في الرقيق أو في جميع التجارات أو بعضها ، وكذا اشتراكهما بمال قليل على أن يتداينا لأن أحدهما قال لصاحبه تحمل عني بنصف ما أشتري وأتحمل عنك بنصف ما تشتري إلا أن يشتركا في شراء سلعة معينة حاضرة أو غائبة فيبتاعانها بدين فيجوز ذلك إذا كانا حاضرين لأن العقدة وقعت عليهما ، وإن ضمن أحدهما عن صاحبه فذلك جائز ا هـ .

أبو الحسن قوله وكذلك إن اشتركا بمال قليل ليس بشرط ، قال فيما يأتي وأكره أن يخرجا مالا على أن يتجرا به وبالدين مفاوضة ، فإن فعلا فما اشترى كل واحد منهما فبينهما وإن جاوز رأس ماليهما . ا هـ . والمراد بالكراهة المنع قال فيها فإذا وقع بالذمم فما اشتريا فبينهما على ما عقدا وتفسخ الشركة من الآن . أبو الحسن الفسخ دليل على أن المراد بالكراهة المنع ، وفي سماع عيسى في الرجل قال لصاحبه اقعد في هذا الحانوت تبيع فيه ، [ ص: 299 ] وأنا آخذ المتاع بوجهي والضمان علي وعليك ، قال الربح بينهما على ما تعاملا عليه ويأخذ أحدهما من صاحبه أجرة ما يفضله به في العمل .

ابن رشد هذا كما قال لأن الربح تابع للضمان إذا عملا بما تداينا به كما يتبع المال إذا عملا بما أخرجه كل واحد منهما من المال . ا هـ . وفي المدونة وإن أقعدت صانعا في حانوت على أن تنقل إليه المتاع ويعمل هو فيما رزق الله تعالى فهو بينكما نصفين فلا يجوز . ا هـ . وفي سماع عيسى في رجل قال اقعد في حانوت وأنا آخذ لك متاعا تبيعه ولك نصف ربحه أو ثلثه ، فلا يصلح ، فإن عملا عليه فللذي في الحانوت أجرة مثله والربح كله للذي أجلسه في الحانوت . ابن رشد هذا كما قال لأنها إجارة فاسدة من أجل أن الربح تابع للضمان ، فإن كان ضمان السلع من الذي أجلسه وجب كون جميع الربح له وللعامل أجرة مثله أفاده الحط .




الخدمات العلمية