(
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=86فلولا إن كنتم غير مدينين nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=87ترجعونها إن كنتم صادقين ) .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=86فلولا إن كنتم غير مدينين nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=87ترجعونها إن كنتم صادقين ) وفيه مسائل :
المسألة الأولى : أكثر المفسرين على أن (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=86فلولا ) في المرة الثانية مكررة وهي بعينها هي التي قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=83فلولا إذا بلغت الحلقوم ) ولها جواب واحد ، وتقديره على ما قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : فلولا ترجعونها إذا
[ ص: 174 ] بلغت الحلقوم ، أي إن كنتم غير مدينين ، وقال بعضهم : هو كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=38فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ) [ البقرة : 38 ] حيث جعل (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=38فلا خوف ) جزاء شرطين ، والظاهر خلاف ما قالوا ، وهو أن يقال : جواب لولا في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=83فلولا إذا بلغت الحلقوم ) هو ما يدل عليه ما سبق يعني تكذبون مدة حياتكم جاعلين التكذيب رزقكم ومعاشكم ، فلولا تكذبون وقت النزع وأنتم في ذلك الوقت تعلمون الأمور وتشاهدونها ، وأما لولا في المرة الثانية فجوابها : (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=87ترجعونها ) .
المسألة الثانية : في (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=86مدينين ) أقوال منهم من قال : المراد مملوكين ، ومنهم من قال : مجزيين ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : من دانه السلطان إذا ساسه ، ويحتمل أن يقال : المراد غير مقيمين من مدن إذا أقام ، هو حينئذ فعيل ، ومنه المدينة ، وجمعها مدائن ، من غير إظهار الياء ، ولو كانت مفعلة لكان جمعها مداين كمعايش بإثبات الياء ، ووجهه أن يقال : كان قوم ينكرون العذاب الدائم ، وقوم ينكرون العذاب ومن اعترف به كان ينكر دوامه ، ومثله قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=80لن تمسنا النار إلا أياما معدودة ) [ البقرة : 80 ] قيل : إن كنتم على ما تقولون لا تبقون في العذاب الدائم فلم لا ترجعون أنفسكم إلى الدنيا إن لم تكن الآخرة دار الإقامة ، وأما على قوله : ( مجزيين ) فالتفسير مثل هذا كأنه قال : ستصدقون وقت النزع رسل الله في الحشر ، فإن كنتم بعد ذلك غير مجزيين فلم لا ترجعون أنفسكم إلى دنياكم ، فإن التعويق للجزاء لا غير ، ولولا الجزاء لكنتم مختارين كما كنتم في دنياكم التي ليست دار الجزاء مختارين تكونون حيث تريدون من الأماكن ، وأما على قولنا : مملوكين من الملك ، ومنه المدينة للملوكة ، فالأمر أظهر بمعنى أنكم إذا كنتم لستم تحت قدرة أحد ، فلم لا ترجعون أنفسكم إلى الدنيا كما كنتم في دنياكم التي ليست دار جزاء مع أن ذلك مشتهى أنفسكم ومنى قلوبكم ، وكل ذلك عند التحقيق راجع إلى كلام واحد ، وأنهم كانوا يأخذون بقول الفلاسفة في بعض الأشياء دون بعض ، وكانوا يقولون بالطبائع ، وأن الأمطار من السحب ، وهي متولدة بأسباب فلكية ، والنبات كذلك ، والحيوان كذلك ، ولا اختيار لله في شيء وسواء عليه إنكار الرسل والحشر ، فقال تعالى : إن كان الأمر كما يقولون فما بال الطبيعي الذي يدعي العلم لا يقدر على أن يرجع النفس من الحلقوم ، مع أن في الطبع عنده إمكانا لذلك ، فإن عندهم البقاء بالغداء وزوال الأمراض بالدواء ، وإذا علم هذا فإن قلنا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=86غير مدينين ) معناه غير مملوكين رجع إلى قولهم من إنكار الاختيار وقلب الأمور كما يشاء الله ، وإن قلنا : غير مقيمين فكذلك ؛ لأن
nindex.php?page=treesubj&link=28760_32893_30549إنكار الحشر بناء على القول بالطبع ، وإن قلنا : غير محاسبين ومجزيين فكذلك ، ثم لما بين أن الموت كائن والحشر بعده لازم ، بين ما يكون بعد الحشر ليكون ذلك باعثا للمكلف على العمل الصالح ، وزاجرا للمتمرد عن العصيان والكذب فقال :
(
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=86فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=87تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ) .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=86فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=87تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ) وَفِيهِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى أَنَّ (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=86فَلَوْلَا ) فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ مُكَرَّرَةٌ وَهِيَ بِعَيْنِهَا هِيَ الَّتِي قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=83فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ ) وَلَهَا جَوَابٌ وَاحِدٌ ، وَتَقْدِيرُهُ عَلَى مَا قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : فَلَوْلَا تَرْجِعُونَهَا إِذَا
[ ص: 174 ] بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ ، أَيْ إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : هُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=38فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ) [ الْبَقَرَةِ : 38 ] حَيْثُ جَعَلَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=38فَلَا خَوْفٌ ) جَزَاءَ شَرْطَيْنِ ، وَالظَّاهِرُ خِلَافُ مَا قَالُوا ، وَهُوَ أَنْ يُقَالَ : جَوَابُ لَوْلَا فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=83فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ ) هُوَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا سَبَقَ يَعْنِي تُكَذِّبُونَ مُدَّةَ حَيَاتِكُمْ جَاعِلِينَ التَّكْذِيبَ رِزْقَكُمْ وَمَعَاشَكُمْ ، فَلَوْلَا تُكَذِّبُونَ وَقْتَ النَّزْعِ وَأَنْتُمْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ تَعْلَمُونَ الْأُمُورَ وَتُشَاهِدُونَهَا ، وَأَمَّا لَوْلَا فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ فَجَوَابُهَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=87تَرْجِعُونَهَا ) .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=86مَدِينِينَ ) أَقْوَالٌ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ : الْمُرَادُ مَمْلُوكِينَ ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : مَجْزِيِّينَ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : مِنْ دَانَهُ السُّلْطَانُ إِذَا سَاسَهُ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ : الْمُرَادُ غَيْرُ مُقِيمِينَ مِنْ مَدَنَ إِذَا أَقَامَ ، هُوَ حِينَئِذٍ فَعَيْلٌ ، وَمِنْهُ الْمَدِينَةُ ، وَجَمْعُهَا مَدَائِنُ ، مِنْ غَيْرِ إِظْهَارِ الْيَاءِ ، وَلَوْ كَانَتْ مَفْعَلَةً لَكَانَ جَمْعُهَا مَدَايِنَ كَمَعَايِشَ بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ ، وَوَجْهُهُ أَنْ يُقَالَ : كَانَ قَوْمٌ يُنْكِرُونَ الْعَذَابَ الدَّائِمَ ، وَقَوْمٌ يُنْكِرُونَ الْعَذَابَ وَمَنِ اعْتَرَفَ بِهِ كَانَ يُنْكِرُ دَوَامَهُ ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=80لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً ) [ الْبَقَرَةِ : 80 ] قِيلَ : إِنْ كُنْتُمْ عَلَى مَا تَقُولُونَ لَا تَبْقَوْنَ فِي الْعَذَابِ الدَّائِمِ فَلِمَ لَا تُرْجِعُونَ أَنْفُسَكُمْ إِلَى الدُّنْيَا إِنْ لَمْ تَكُنِ الْآخِرَةُ دَارَ الْإِقَامَةِ ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِهِ : ( مَجْزِيِّينَ ) فَالتَّفْسِيرُ مِثْلُ هَذَا كَأَنَّهُ قَالَ : سَتُصَدِّقُونَ وَقْتَ النَّزْعِ رُسُلَ اللَّهِ فِي الْحَشْرِ ، فَإِنْ كُنْتُمْ بَعْدَ ذَلِكَ غَيْرَ مَجْزِيِّينَ فَلِمَ لَا تُرْجِعُونَ أَنْفُسَكُمْ إِلَى دُنْيَاكُمْ ، فَإِنَّ التَّعْوِيقَ لِلْجَزَاءِ لَا غَيْرُ ، وَلَوْلَا الْجَزَاءُ لَكُنْتُمْ مُخْتَارِينَ كَمَا كُنْتُمْ فِي دُنْيَاكُمُ الَّتِي لَيْسَتْ دَارَ الْجَزَاءِ مُخْتَارِينَ تَكُونُونَ حَيْثُ تُرِيدُونَ مِنَ الْأَمَاكِنِ ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِنَا : مَمْلُوكِينَ مِنَ الْمِلْكِ ، وَمِنْهُ الْمَدِينَةُ لِلْمُلُوكَةِ ، فَالْأَمْرُ أَظْهَرُ بِمَعْنَى أَنَّكُمْ إِذَا كُنْتُمْ لَسْتُمْ تَحْتَ قُدْرَةِ أَحَدٍ ، فَلِمَ لَا تُرْجِعُونَ أَنْفُسَكُمْ إِلَى الدُّنْيَا كَمَا كُنْتُمْ فِي دُنْيَاكُمُ الَّتِي لَيْسَتْ دَارَ جَزَاءٍ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ مُشْتَهَى أَنْفُسِكُمْ وَمُنَى قُلُوبِكُمْ ، وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدَ التَّحْقِيقِ رَاجِعٌ إِلَى كَلَامٍ وَاحِدٍ ، وَأَنَّهُمْ كَانُوا يَأْخُذُونَ بِقَوْلِ الْفَلَاسِفَةِ فِي بَعْضِ الْأَشْيَاءِ دُونَ بَعْضٍ ، وَكَانُوا يَقُولُونَ بِالطَّبَائِعِ ، وَأَنَّ الْأَمْطَارَ مِنَ السُّحُبِ ، وَهِيَ مُتَوَلِّدَةٌ بِأَسْبَابٍ فَلَكِيَّةٍ ، وَالنَّبَاتُ كَذَلِكَ ، وَالْحَيَوَانُ كَذَلِكَ ، وَلَا اخْتِيَارَ لِلَّهِ فِي شَيْءٍ وَسَوَاءٌ عَلَيْهِ إِنْكَارُ الرُّسُلِ وَالْحَشْرِ ، فَقَالَ تَعَالَى : إِنْ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا يَقُولُونَ فَمَا بَالُ الطَّبِيعِيِّ الَّذِي يَدَّعِي الْعِلْمَ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يُرْجِعَ النَّفْسَ مِنَ الْحُلْقُومِ ، مَعَ أَنَّ فِي الطَّبْعِ عِنْدَهُ إِمْكَانًا لِذَلِكَ ، فَإِنَّ عِنْدَهُمُ الْبَقَاءَ بِالْغَدَاءِ وَزَوَالَ الْأَمْرَاضِ بِالدَّوَاءِ ، وَإِذَا عُلِمَ هَذَا فَإِنْ قُلْنَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=86غَيْرَ مَدِينِينَ ) مَعْنَاهُ غَيْرَ مَمْلُوكِينَ رَجَعَ إِلَى قَوْلِهِمْ مِنْ إِنْكَارِ الِاخْتِيَارِ وَقَلْبِ الْأُمُورِ كَمَا يَشَاءُ اللَّهُ ، وَإِنْ قُلْنَا : غَيْرَ مُقِيمِينَ فَكَذَلِكَ ؛ لِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28760_32893_30549إِنْكَارَ الْحَشْرِ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِالطَّبْعِ ، وَإِنْ قُلْنَا : غَيْرَ مُحَاسَبِينَ وَمَجْزِيِّينَ فَكَذَلِكَ ، ثُمَّ لَمَّا بَيَّنَ أَنَّ الْمَوْتَ كَائِنٌ وَالْحَشْرَ بَعْدَهُ لَازِمٌ ، بَيَّنَ مَا يَكُونُ بَعْدَ الْحَشْرِ لِيَكُونَ ذَلِكَ بَاعِثًا لِلْمُكَلَّفِ عَلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ ، وَزَاجِرًا لِلْمُتَمَرِّدِ عَنِ الْعِصْيَانِ وَالْكَذِبِ فَقَالَ :