الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( الفرق السابع والثمانون الفرق بين قاعدة ما يثبت في الذمم وبين قاعدة ما لا يثبت فيها ) اعلم أن المعينات المشخصات في الخارج المرئية بالحس لا تثبت في الذمم ولذلك أن من اشترى سلعة معينة فاستحقت انفسخ العقد ولو ورد العقد على ما في الذمة كما في السلم فأعطاه ذلك وعينه فظهر ذلك المعين مستحقا رجع إلى غيره لأنه تبين أن ما في الذمة لم يخرج منها وكذلك إذا استأجر دابة معينة للحمل أو غيره فاستحقت أو ماتت انفسخ العقد ولو استأجر منه حمل هذا المتاع من غير تعيين دابة أو على أن يركبه إلى مكة من غير تعيين مركوب معين فعين له لجميع ذلك دابة للحمل أو لركوبه فعطبت أو استحقت رجع فطالبه بغيرها لأن المعقود عليه غير معين بل في الذمة فيجب عليه الخروج منه بكل معين شاء ويظهر أثر ذلك في قاعدة أخرى فإن المطلوب متى كان في الذمة فإن لمن هو عليه أن يتخير بين الأمثال ويعطي أي مثل شاء ولو عقد على معين من تلك الأمثال لم يكن له الانتقال عنه إلى غيره فلو اكتال رطل زيت من خابية وعقد [ ص: 134 ] عليه لم يكن له أن يعطي غيره من الخابية .

وكذلك إذا فرق صبرته صيعانا فعقد على صاع منها بعينه لم يكن له الانتقال عنه إلى غيره من تلك الأمثال ولو كان في الذمة لكان له الخروج عنه بأي مثل شاء من تلك الأمثال فهذا أيضا يوضح لك أن المعينات لا تثبت في الذمم وأن ما في الذمم لا يكون معينا بل يتعلق الحكم فيه بالأمور الكلية والأجناس المشتركة فيقبل ما لا يتعين منها البدل والمعين لا يقبل البدل والجمع بينهما محال وهذا الفرق بين هاتين القاعدتين يظهر أثره في المعاملات والصلوات والزكوات فلا ينتقل الأداء إلى الذمة إلا إذا خرج وقته لأنه معين بوقته والقضاء ليس له وقت معين يتعين حده بخروجه فهو في الذمة والقاعدة أن من شرط الانتقال إلى الذمة تعذر المعين كالزكاة مثلا ما دامت معينة بوجود نصابها لا تكون في الذمة فإذا تلف النصاب بعذر لا يضمن نصيب الفقراء ولا ينتقل الواجب إلى الذمة وكذلك الصلاة إذا تعذر فيها الأداء بخروج وقتيها لعذر لا يجب القضاء وإن خرج لغير عذر ترتبت في الذمة [ ص: 135 ] ووجب القضاء ولا يعتبر في القضاء التمكن من الإيقاع أول الوقت خلافا للشافعي رحمه الله كما لا يعتبر في ضمان الزكاة تأخر الجائحة عن الزرع أو الثمرة بعد زمن الوجوب وكما لو باع صاعا من صبرة وتمكن من كيلها ثم تلفت الصبرة من غير البائع فإنه لا يخاطب بالتوفية من جهة أخرى ولا ينتقل الصاع للذمة ولذلك أجمعنا في المسافر يقيم والمقيم يسافر على اعتبار آخر الوقت وهذا الفرق قد خالفناه أيها المالكية في صورتين إحداهما في النقدين عندنا لا يتعين بالتعيين وإنما تقع المعاملة بهما على الذمم .

وإن عينت إلا أن تخص بأمر يتعلق به الغرض كشبهة في أحدهما أو سكة رائجة دون النقد الآخر ولو غصب غاصب دينارا معينا فله أن يعطي غيره مثله في المحل ويمنع ربه من أخذ ذلك المعين المغصوب وعلل ذلك أصحابنا بأن خصوصات الدنانير والدراهم لا تتعلق بها الأغراض فسقط اعتبارها في نظر الشرع فإن صاحب الشرع إنما يعتبر ما فيه نظر صحيح ولزمهم على ذلك سؤالان : أحدهما يلزم أن أعيان الدنانير والدراهم لا تملك أيضا لأجل أن للغاصب المنع من المعين وكذلك المشتري في العقود ولو كانت الخصوصات مملوكة لكان لصاحب المعين المطالبة بملكه وأخذه المعين من الغاصب والمشتري فلا يكون المملوك عندهم إلا الجنس الكلي دون الشخصي ومتى شخص من الجنس شيء لا يملك خصوصه ألبتة وهو أمر شنيع وثانيهما أنا اتفقنا على أن الصيعان المستوية والأرطال المستوية من الزيت تملك أعيانها وإنما تعين بالتعيين مع أن الأغراض مستوية في تلك الأفراد فهي نقض كبير عليهم ولهم الجواب عن الأول بالتزامه [ ص: 136 ] والشناعة لا عبرة بها من غير دليل شرعي .

وقد تمسكوا بدليل صحيح وهو أن الشرع لا يعتبر ما لا غرض فيه وهذا كلام حق ، وعن الثاني الفرق بين النقدين وغيرهما فإنهما وسائل لتحصيل الأغراض من السلع والمقاصد إنما هي السلع وإذا كانت السلع مقاصد وقعت المشاحنة من تعييناتها بخلاف الوسائل اجتمع فيها أمران أحدهما أنها وسائل والثاني عدم تعلق الأغراض بخلاف المقاصد فيها حيثية واحدة فظهر الفرق واندفع النقض . الصورة الثانية التي خالف فيها المالكية الفرق إذا كان له على رجل دين فأخذ منه ما يتأخر قبضه كدار يسكنها أو ثمرة يتأخر جذاذها أو عبد يستخدمه ونحو ذلك قال ابن القاسم لا يجوز ذلك لأنه فسخ دين من دين لأن هذه الأمور لما كانت يتأخر قبضها أشبهت الدين وفيها مفسدة الدين من جهة أن فيها المطالبة وقال أشهب يجوز ذلك وليس هذا فسخ دين في دين بل دين معين في معين وعلى هذا المذهب يطرد الفرق إنما مخالفته في القول الأول

التالي السابق


حاشية ابن الشاط

قال ( الفرق السابع والثمانون بين قاعدة ما يثبت في الذمم وبين قاعدة ما لا يثبت فيها إلى قوله [ ص: 134 ] فيقبل ما لا يتعلق منها البدل والمعين لا يقبل البدل والجمع بينهما محال ) قلت ما قاله في ذلك صحيح ما عدا قوله بل يتعلق الحكم فيه بالأمور الكلية والأجناس المشتركة فإنه إن أراد أن الحكم يتعلق بالأمور الكلية من حيث هي كلية فليس ذلك بصحيح وإن أراد أن الحكم يتعلق بالأمور الكلية أي بواحد غير معين منها فذلك صحيح وقد سبق التنبيه على مثل هذا .

قال ( وهذا الفرق بين هاتين القاعدتين يظهر أثره في المعاملات والصلوات والزكوات فلا ينتقل الأداء إلى الذمة إلا إذا خرج وقته لأنه معين بوقته والقضاء ليس له وقت معين يتعين حده بخروجه فهو في الذمة ) قلت ما قاله هنا ليس بصحيح فإنه لا فرق بين الأداء والقضاء في كون كل واحد منهما في الذمة فإن الأفعال لا تتعين إلا بالوقوع وكل فعل لم يقع لا يصح أن يكون معينا وما قاله من أن الفعل الموقت معين بوقته لا يفيده المقصود فإنه وإن كان معينا بوقته أي وقته معين فهو غير معين بمكانه وسائر أحواله .

قال ( والقاعدة أن من شرط الانتقال إلى الذمة تعذر المعين كالزكاة مثلا ما دامت معينة بوجود نصابها لا تكون في الذمة فإذا تلف النصاب بعذر لا يضمن نصيب الفقراء ولا ينتقل الواجب إلى الذمة وكذلك الصلاة إذ تعذر فيها الأداء بخروج وقتها لعذر لا يجب القضاء وإن خرج لغير عذر ترتبت في الذمة [ ص: 135 ] ووجب القضاء ) قلت تسويته بين الصلاة والزكاة ليست بصحيحة فإن الزكاة حق واجب في المال المعين فالحق متعين بمعنى أنه جزء لمعين وأما الصلاة فليست كذلك فإنها فعل والأفعال لا تعين لها ما لم تقع .

قال ( ولا يعتبر في القضاء التمكن من الإيقاع أول الوقت خلافا للشافعي رحمه الله كما لا يعتبر في ضمان الزكاة تأخر الجائحة عن الزرع أو الثمرة إلى قوله ولذلك أجمعنا في المسافر يقيم والمقيم يسافر على اعتبار الوقت قال وهذا الفرق قد خالفناه أيها المالكية في صورتين إحداها في النقدين عندنا لا يتعين بالتعيين وإنما تقع المعاملة بهما على الذمم وإن عينت إلا أن تختص بأمر يتعلق به الغرض كشبهة في أحدهما أو سكة رائجة دون النقد الآخر إلى قوله [ ص: 136 ] فظهر الفرق واندفع النقض ) قلت السؤالان واردان والجواب عنهما ليس بصحيح أما الأول فلا خفاء ببطلانه وكيف يسوغ لعاقل التزام ما لا يصح ولا يعقل وما يشك أحد من أن من ملك دينارا ملك عينه وكيف يصح أن يملك الجنس الكلي وهو ذهني عند مثبتيه ثم على قول نافيه يلزم أن من ملك دينارا لم يملك عينه ولا جنسه لبطلان القول به فيلزم أن من ملك دينارا أو غيره من النقود لم يملك شيئا على هذا القول أو يقع للشك في أنه ملكه أو لم يملكه عند من يشك في الأجناس وهذا كله خروج عن المعقول لا شك فيه ، وأما الثاني فلا أثر للفرق لاحتمال أن يكون لصاحب ذلك المعين غرض فيه فإن لم يكن ذلك الغرض من الأغراض المعتادة فالصحيح تعين النقدين بالتعيين ولزوم رد المغصوب منهما بعينه إلا أن يفوت فيلزم البدل والله أعلم .

قال الصورة ( الثانية التي خالف فيها المالكية الفرق إذا كان له على رجل دين فأخذ منه ما تأخر قبضه كدار يسكنها أو ثمرة يتأخر جذاذها أو عبد يستخدمه ونحو ذلك قال ابن القاسم لا يجوز ذلك لأنه فسخ دين في دين لأن هذه الأمور لما كانت يتأخر قبضها أشبهت الدين وفيها مفسدة الدين من جهة أن فيها المطالبة وقال أشهب يجوز ذلك وليس هذا فسخ دين في دين بل دين معين في معين وعلى هذا المذهب يطرد الفرق إنما مخالفته في القول الأول ) [ ص: 137 ] قلت ما قاله صحيح وكذا ما قاله في الفرق بعده .



حاشية ابن حسين المكي المالكي

( الفرق السابع والثمانون بين قاعدة ما يثبت في الذمم وبين قاعدة ما لا يثبت فيها ) الذي لا يثبت في الذمم هو المعينات المشخصات في الخارج المرئية بالحس والذي يثبت فيها هو ما عداها ويظهر أثر ذلك في المعاملات وفي الصلوات والزكوات أما في المعاملات ففي قاعدتين إحداهما قاعدة الاستحقاق أو الموت لما وقع العقد عليه يوجب في المعين انفساخ العقد وفي غير المعين لا يوجبه فإذا اشترى سلعة معينة فاستحقت انفسخ العقد أو ما في الذمة كما في السلم فأعطاه ذلك وعينه ثم استحق لم ينفسخ العقد بل يرجع إلى غير ما استحق لأنه تبين أن ما في الذمة لم يخرج منها وإذا استأجر دابة معينة للحمل أو غيره كالركوب فاستحقت أو ماتت انفسخ العقد أو غير معينة لذلك فعطبت أو استحقت لم ينفسخ العقد بل يطالبه بغيرها لأن المعقود عليه غير معين بل في الذمة فيجب الخروج منه بكل معين شاء القاعدة الثانية قاعدة التخيير في تسليم المعقود عليه وعدمه فمتى كان في الذمة كان لمن هو عليه أن يتخير بين الأمثال ويعطي أي مثل شاء ومتى كان معينا من تلك الأمثال لم يكن له الانتقال عنه إلى غيره فلو اكتال رطل زيت من خابية وعقد عليه لم يكن له أن يعطي غيره من الخابية وإذا فرق صبرته صيعانا فعقد على صاع منها بعينه لم يكن له الانتقال عنه إلى غيره [ ص: 152 ] من تلك الأمثال .

وأما إذا عقد على صاع غير معين من جنس هذه الصبرة أو على رطل غير معين من جنس هذا الزيت فإن المعقود عليه لعدم تعينه يكون في الذمة فله الخروج عنه بأي مثل شاء من تلك الأمثال وبالجملة فالمعينات لا تثبت في الذمم وما في الذمم لا يكون معينا بل يتعلق الحكم فيه بواحد غير معين من الأمور الكلية والأجناس المشتركة فيقبل ما لا يتعين منها البدل والمعين لا يقبل البدل والجمع بينهما محال .

وأما في الصلوات والزكوات ففي قاعدة أن من شرط الانتقال إلى الذمة تعذر المعين والصلاة من حيث إنها فعل لا تعين لها ما لم تقع من أداء الصلوات التي لم تقع مع بقاء وقتها وقضاء الصلوات التي لم تقع مع خروج وقتها يكون في الذمة إذ لا يصح في الفعل الذي لم يقع وإن تعين بتعين وقته أن يكون معينا لأن تعينه بتعين وقته لا يقتضي جعله معينا بمكانه وسائر أحواله والزكاة من حيث إنها حق واجب في المال المعين لا تكون إلا حقا معينا بمعنى أنه جزء لمعين فلا تكون في الذمة ما وجد نصابها فإذا تلف بعذر لم ينتقل الحق الواجب لتعينه إلى الذمة فلا يضمن مالك النصاب حينئذ نصيب الفقراء وإذا تلف بغير عذر ترتب الحق الواجب في الذمة فيضمن مالك النصاب حينئذ نصيب الفقراء ولا يعتبر في الضمان تأخر الجائحة عن زمن الوجوب في الزرع أو الثمرة مثلا فافهم والله أعلم ( وصل ) هذا الفرق غير مطرد عند المالكية بل خالفوه في صورتين .

الصورة الأولى قولهم لا يتعين النقدان بالتعيين وإنما تقع المعاملة بهما على الذمم وإن عينت النقود إلا أن تختص بأمر يتعلق به الغرض كشبهة في أحدهما أو سكة رائجة دون النقد الآخر وأنه إذا غصب غاصب دينارا معينا فله أن يعطي غيره مثله في المحل ويمنع ربه من أخذ ذلك المعين المغصوب معللين بأن خصوصات الدنانير والدراهم لا تتعلق بها الأغراض فسقط اعتبارها في نظر الشرع إذ لا يعتبر صاحب الشرع إلا ما فيه نظره صحيح ويرد عليه سؤالان أحدهما أنه يلزمه أن لا تكون أعيان الدراهم والدنانير مملوكة أيضا إذ لو كانت الخصوصات مملوكة لكان لصاحب المعين المطالبة بملكه وأخذه المعين من الغاصب والمشتري واللازم باطل لأنهم يقولون إن للغاصب المنع من المعين وكذلك المشتري في العقود وإذا لم تملك أعيان الدنانير والدراهم عندهم لم يكن المملوك إلا الجنس الكلي والجنس الكلي لا يصح أن يملك أما على قول نافيه فظاهر .

وأما على قول مثبته فلأنه ذهني صرف والذهني الصرف لا يتأتى ملكه فيلزم على هذا القول أن من ملك دينارا أو غيره من النقود إما أن نقطع بأنه لم يملك شيئا عند من ينفي الأجناس أو يقع الشك في أنه ملكه أو لم يملكه عند من يشك في الأجناس وهذا كله خروج عن المعقول ولا شك في شناعته فلا وجه لالتزامه وعدم الالتفات لشناعته وكيف يسوغ لعاقل التزام ما لا يصح ولا يعقل قاله ابن الشاط .

قلت وأنت خبير بأنه على ما حققه الجلال الدواني وغيره من المحققين من أن الجنس قد يعتبر لا بشرط شيء من تشخص أو كلية فيتحقق أفراده وهو الحق كما مر التنبيه عليه لا يظهر أنه يلزم على هذا القول أن من ملك دينارا أو غيره من النقود لم يملك شيئا أو يقع الشك في ملكه وعدمه بل إنما [ ص: 153 ] يلزم عليه أنه مالك الجنس المتحقق في فرد ما فتأمل بإنصاف السؤال الثاني أنهم وافقوا الجمهور على أن الصيعان المستوية من الصبرة والأرطال المستوية من الزيت تملك أعيانها وإنما تعين بالتعيين مع أن الأغراض مستوية في تلك الأفراد استواءها في أعيان النقود وقول الأصل إن الصيعان والأرطال المستوية وسائل لتحصيل الأغراض من السلع والمقاصد إنما هي السلع فتقع المشاحنة من تعييناتها من حيث إنها مقاصد والسلع وإن لم تتعلق الأغراض بأفرادها كأعيان النقود إلا أن أعيان النقود تفارقها في أنها وسائل لتحصيل الأغراض من السلع فاجتمع فيها أمران كونها وسائل وعدم تعلق الأغراض بخلاف السلع فلم يوجد إلا الثاني فقط قال ابن الشاط إنه فرق لا أثر له لاحتمال أن يكون لصاحب ذلك المعين غرض فيه فإن لم يكن ذلك الغرض من الأغراض المعتادة فالصحيح تعين النقدين بالتعين ولزوم رد المغصوب منهما بعينه إلا أن يفوت فيلزم البدل والله أعلم ا هـ فتأمل .

الصورة الثانية قول ابن القاسم لا يجوز لمن له دين على رجل أن يأخذ منه ما يتأخر قبضه كدار يسكنها أو ثمرة يتأخر جذاذها أو عبد يستخدمه ونحو ذلك لأنه فسخ دين في دين لأن هذه الأمور لما كانت يتأخر قبضها أشبهت الدين وفيها مفسدة الدين من جهة أن فيها المطالبة ففيه مخالفة لما في هذا الفرق من أن المعين لا يكون في الذمة فلا يكون دينا .

وأما على قول أشهب يجوز ذلك وليس هذا فسخ دين في دين بل دين معين في معين فلا مخالفة فمن هنا جرى عمل الشيخ علي الأجهوري على قول أشهب فكانت له حانوت ساكن فيها مجلد الكتب وكان إذا ترتب له أجرة في ذمته يستأجره بها على تجليد كتبه ويقول هذا على قول أشهب وصححه المتأخرون وأفتى به ابن رشد كما في حاشية الصاوي على شرح أقرب المسالك والله سبحانه وتعالى أعلم .




الخدمات العلمية