الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال مالك : الذبيح إسحاق ، وقال ابن حبيب وأهل العراق ، وأكثر العلماء : إسماعيل . لقوله - عليه السلام - : ( أنا ابن الذبيحين ) يعني - عليه السلام - أباه إسماعيل ، وأباه عبد الله ; لأن جده عبد المطلب نذر إذا بلغ ولده عشرة أن ينحر منهم واحدا ، فلما أكملوا عشرة أتى بهم البيت ، وضرب عليهم بالقداح ليذبح من خرج قدحه ، وكتب اسم كل واحد على قدح ، فخرج قدح عبد الله ، ففداه بعشرة من الإبل ، ثم ضرب عليه وعلى الإبل ، فخرج قدحه ، ففداه بعشرين إلى أن تمت مائة ، فخرج القدح على [ ص: 161 ] الجزور ، فنحرها ، وسن الدية مائة ، ولأن الذبح كان بمنى ، وإسحاق كان بالشام ، ولقوله تعالى بعد قصة الذبيح : ( وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين ) ( الصافات : 112 ) فدل على أن صاحب القصة غير المبشر به ، ولقوله : ( ومن وراء إسحاق يعقوب ) ( هود : 71 ) قال أئمة اللغة : والوراء ولد الولد ، ومن المحال أن يبشره بأنه يعقب ، ثم يأمره بذبحه ، فيعتقد الخليل - عليه السلام - الذبح ، والجواب عن الأول : أن العم يسمى أبا ، ويدل على هذا المجاز ما روي أن إبراهيم - عليه السلام - لما بشرته الملائكة بإسحاق - عليه السلام - نذر ذبحه إذا ولد ، فلما بلغ معه السعي - أي العمل والقوة - قيل له : أوف بنذرك ، وروي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - : أن إبراهيم - عليه السلام - قال لإسحاق - عليه السلام - : يا بني ، اذهب بنا نتقرب إلى الله تعالى قربانا ، فذهبا ، فأخبره أنه هو القربان ، والقصة طويلة في المقدمات في الأضاحي ، وعن الثاني : أنه قد قيل : كان الذبح بالمقدس ، أو لأن الخليل كان يركب البراق إلى الحجاز كما ورد ، فلعله جاء معه في يومه ، وعن الثالث : أن المراد ، وبشرناه بنبوة إسحاق لصبره على المحنة كما تقول : بشرتك بولدك قادما أي بقدومه ; لأن البشارة بالوجود ، فالقصة واحدة ، ولم يخرج منها بعد ، وعن الرابع : أن لفظ الولد مشترك بين ولد الولد ، والجهة المضادة للأمام ، فاللفظ يصلح للأمرين على حد السواء ، فلا يدل على أحدهما .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية