الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              [ ص: 365 ] ( فصل ) في الصيغة ، وشرطها لفظ أو كتابة ، ولو من ناطق أو إشارة أخرس تشعر بالالتزام بحق فحينئذ ( قوله : لزيد ) علي ألف فيما أظن ، أو أحسب لغو ، أو فيما أعلم أو أشهد صحيح وقوله : ليس لك علي شيء ولكن لك علي ألف درهم لم يجب ما بعد لكن لمناقضة ما قبلها لها وقد يستشكل بأن المعنى ليس لك علي إلا ألف درهم ويجاب بأن التناقض في تلك أظهر وقوله لامرأة ألم أتزوجك أمس أو أليس قد تزوجتك أمس فقالت : بلى ثم جحدت لم يكن ما قاله إقرارا منه على الأصح ، بل هو استفهام وقوله : لزيد ( كذا صيغة إقرار ) لأن اللام للملك ثم إن كان ذلك معينا كلزيد هذا الثوب ، أو خذ به فإن كان بيده حال الإقرار أو انتقل إليه لزمه تسليمه لزيد ، أو غيره كله ثوب ، أو ألف اشترط أن ينضم إليه شيء مما يأتي كعندي ، أو علي ؛ لأنه مجرد خبر لا يقتضي لزوم شيء للمخبر ولهذا التفصيل ذكر كونه صيغة ولم يذكر اللزوم به نعم إن وصل به ما يخرجه عن الإقرار كله علي كذا بعد موتي ، أو إن فعل كذا لم يلزمه شيء كما بحثه الأذرعي والثانية مأخوذة مما يأتي في نحو إن شاء الله أنه ليس من تعقيب الإقرار بما يرفعه

                                                                                                                              ( وقوله : علي وفي ) هي بمعنى ، أو كالتي بعدها ( ذمتي كل ) على انفرادها ( للدين ) الملتزم في الذمة لأنه المتبادر منه عرفا فإن أراد العين قبل في علي فقط لإمكانه أي على حفظها ( ومعي ) ولدي ( وعندي ) [ ص: 366 ] كل على انفرادها ( للعين ) لذلك ويحمل على أدنى المراتب وهو الوديعة فيقبل قوله بيمينه في الرد والتلف وقبلي بكسر أوله صالح لهما كما رجحاه واعترضا بنص الأم أنه كعلي أي فينصرف عند الإطلاق للدين

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( فصل في الصيغة ) ( قوله لم يجب ما بعد ) لكن لا يخفى إشكاله ومخالفته لقولهم الآتي في فصل الاستثناء : إنه لو قال : ليس له علي شيء إلا خمسة لزمه خمسة ، ولا فرق بين إلا ولكن من جهة المعنى ، فإن كليهما للاستثناء في المعنى ، بل أطلق أهل الميزان أنها أعني لكن حرف استثناء ومن ناقشهم بأنها ليست حرف استثناء اعترف بأن معناها يشابه معنى إلا ، فإن كليهما لرفع توهم يتولد من الكلام السابق ا هـ . نعم لو قال : ليس لك علي ألفان ولكن لك علي ألف كان عدم الوجوب ممكنا ؛ لأنه مثل ليس لك علي عشرة إلا خمسة ، وسيأتي فيه أنه لا يجب شيء ؛ لأنه بمنزلة ليس لك علي خمسة ، ويحتمل الفرق ولعله أقرب ( قوله أو غيره ) عطف على معينا ش . ( قوله كله على كذا بعد موتى ، أو إن فعل كذا لم يلزمه شيء ) وفي الروض ، وكذا أي يلغو قوله : له علي ألف إن مت أو قدم زيد ا هـ . قال في شرحه : وإنما لم يستفسر في تعليق المعسر يساره ؛ لأن حال المعسر يشعر بطلب الصبر عليه المشعر بلزوم ما قاله ، وسيأتي في الباب الثالث أن محل ما هنا إذا لم يقصد التأجيل ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله في المتن ومعي وعندي للعين ) فإن فسر بأنه في [ ص: 366 ] ذمته قبل منه ؛ لأنه غلظ على نفسه ، وينبغي الحمل على ما في الذمة أيضا مع قرينة صريحة في ذلك فليتأمل . ( قوله كما رجحاه ) اعتمده م ر



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( فصل في الصيغة ) ( قوله : في الصيغة ) إلى قوله : وقد يستشكل في النهاية قال ع ش لعل وجه تأخيرها إلى هنا تقدم كل من المقر والمقر له عليها بالذات وتقديمها في المنهج أنه لا يتحقق كون العاقد عاقدا إلا بالصيغة فهي متأخرة في الوجود متقدمة في الاعتبار . ا هـ . ( قوله : وشرطها لفظ . إلخ ) أي كونها لفظا وإلا فاللفظ هو ذات الصيغة والمراد باللفظ أعم من أن يكون صريحا وكناية . ا هـ . ع ش أقول وكذا المراد بالإشارة أعم من أن تكون صريحة ، أو كناية ( قوله : تشعر . إلخ ) أي المذكورات من اللفظ . إلخ . ا هـ . ع ش ( قوله : لغو ) أي لعدم إشعارهما بالالتزام . ا هـ . ع ش

                                                                                                                              أقول قضية ما يأتي في شرح ، ولو قال لي عليك . إلخ أنهما يصحان لو زاد بعدهما ظنا غالبا فليراجع ( قوله : لم يجب ما بعد لكن ) لا يخفى إشكاله ومخالفته لقولهم الآتي في فصل الشتاء أنه لو قال ليس له علي شيء إلا خمسة لزمه خمسة ولا فرق بين إلا ولكن من جهة المعنى فإن كليهما لرفع توهم يتولد من الكلام السابق نعم لو قال ليس لك علي ألفان ولكن لك علي ألف كان عدم الوجوب ممكنا ؛ لأنه مثل ليس لك علي عشرة إلا خمسة وسيأتي فيه أنه لا يجب شيء ؛ لأنه بمنزلة ليس لك علي خمسة ويحتمل الفرق أي بين ليس لك علي عشرة إلا خمسة وبين ليس لك علي ألفان ولكن لك علي ألف ولعله أقرب سم على حج ا هـ . ع ش ولعل وجهه أي أقربية الفرق أن آحاد العشرة تستثنى منها عرفا في الاستعمال ويقال له علي عشرة إلا واحدا مثلا والألف لا تستثنى من الألفين فما فوقهما ، بل يقال له علي ألف ، أو له علي ألفان بدون استثناء . ا هـ . ( قوله : لها ) الظاهر التذكير ( قوله : في تلك ) أي في صيغة ليس لك علي شيء ولكن لك علي ألف درهم ( قوله : لأن اللام ) إلى قوله : نعم في المغني إلا قوله : لأنه إلى ولهذا وإلى قوله واعترضا في النهاية ( قوله : أو غيره ) أي غير معين عطف على معينا ش ا هـ . سم ( قوله : لأنه مجرد إلخ ) علة لما يفهمه قوله : اشترط أن ينضم . إلخ من عدم الإقرار عند عدم الانضمام . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ذكر كونه صيغة ولم يذكر اللزوم به ) يرد عليه أن الالتزام معتبر في مفهوم الإقرار كما مر فصيغة الإقرار متضمنة للزوم ( قوله : كله علي كذا بعد موتي . إلخ ) وفي الروض وكذا أي يلغو قوله : له علي ألف إن مت ، أو قدم زيد . ا هـ . قال في شرحه سيأتي في الباب الثالث أن محل ما هنا إذا لم يقصد التأجيل . انتهى . ا هـ . سم ( قوله : والثانية ) أي له علي كذا إن فعل كذا ( قوله هي . إلخ ) أي الواو عبارة المغني .

                                                                                                                              تنبيه لو عبر المصنف ب ، أو هنا فقال ، أو في ذمتي كما عبر به في الروضة وفيما سيأتي فقال ومعي ، أو عندي لكان أولى لئلا يتوهم أن المراد الهيئة الاجتماعية ( قوله : [ ص: 366 ] كل على انفرادها ) أي من علي وذمتي ، وهو مستفاد من قوله ، أو لا هي بمعنى ، أو . ا هـ . ع ش ( قوله : قبل في علي فقط ) أي بخلاف ما لو قال في ذمتي ، فلا يقبل منه إن ذكره منه منفصلا لا فيما لو ذكره متصلا على الأوجه . ا هـ . ع ش قول المتن ( ومعي وعندي للعين ) فإن فسر بأنه في ذمته قبل منه ؛ لأنه غلظ على نفسه وينبغي الحل على ما في الذمة أيضا مع قرينة صريحة في ذلك فليتأمل ا هـ سم ( قوله : لذلك ) أي ؛ لأنها المتبادرة منه ( قوله : ويحمل ) إلى قوله : واعترضا في المغني ( قوله : على أدنى المراتب إلخ ) عبارة النهاية والمغني فيحمل كل منهما عند الإطلاق على عين بيده فلو ادعى أنها وديعة وأنها تلفت وأنه ردها صدق بيمينه . ا هـ . ( قوله : في الرد والتلف ) أي إذا ادعى ذلك بعد مضي زمن يمكن فيه التلف ، أو الرد كما هو واضح رشيدي و ع ش وسيد عمر ( قوله : بكسر أوله ) أي وفتح ثانية ( قوله : صالح لهما ) أي للدين والعين ( قوله : كما رجحاه ) وهو المعتمد . ا هـ . نهاية عبارة المغني كما جرى عليه ابن المقري تبعا لما رجحه الشيخان بحثا بعد نقلهما عن البغوي أنه للدين . ا هـ . وفيهما أيضا ، ولو أتى بلفظ يدل على العين وآخر يدل على الدين كأن قال له علي ومعي عشرة فالقياس أنه يرجع إليه في تفسير بعض ذلك بالعين وبعضه بالدين . ا هـ . قال الرشيدي

                                                                                                                              قوله : فالقياس أنه يرجع إليه . إلخ كان المراد أن هذه الصيغة عند الإطلاق تكون إقرارا بالعين والدين معا لكنه مبهم فيرجع إليه في تفسير مقدار العين ومقدار الدين وإلا فوضع الأول للدين والثاني للعين ، فلا يحتاج في انصرافه إليهما إلى رجوع إليه وظاهر أنه لو فسر ذلك بالعين فقط يقبل أخذا مما مر قبيله أنه يقبل في تفسير على بالعين بل نقل الشهاب ابن قاسم عن الشارح م ر أنه لو فسر معي وعندي بما في الذمة قبل أنه غلظ على نفسه . انتهى . ا هـ . قال ع ش قوله : م ر بالعين أي فيقبل دعواه التلف ، أو الرد للعين التي فسر بها ا هـ أي بشرطه السابق آنفا




                                                                                                                              الخدمات العلمية