الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            فصل : ثم ظهر لي دليل ( حاد وعشرون ) وهو ما أخرجه أحمد وغيره عن عبد الله بن ثابت قال : جاء عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله إني مررت بأخ لي من قريظة فكتب لي جوامع من التوراة ألا أعرضها عليك ؟ فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال عمر : رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا ، فسري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : والذي نفس محمد بيده لو أصبح فيكم موسى ثم اتبعتموه لضللتم إنكم حظي من الأمم وأنا حظكم من النبيين . هذا الحديث يدل على أن شريعة التوراة لا تسمى إسلاما ; لأن عمر لما رأى غضب النبي صلى الله عليه وسلم من كتابته جوامع من التوراة بادر إلى قوله : " رضينا بالإسلام دينا " ليبرئ نفسه من الرضا بشريعة التوراة واتباعها ، فلما قال ذلك سري عن النبي صلى الله عليه وسلم ; لحصول المقصود من عمر وهو اقتصاره على شريعة الإسلام وإعراضه عن شريعة التوراة .

            دليل ثان وعشرون : وهو قوله صلى الله عليه وسلم لجبريل وقد سأله ما الإسلام ؟ فقال : الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتقيم الصلاة المكتوبة وتؤتي الزكاة المفروضة وتصوم رمضان وتحج البيت ، زاد في رواية : وتغتسل من الجنابة ، وهذا صريح في أن الإسلام مجموع هذه الأعمال ، وهذا المجموع مخصوص بهذه الأمة ، فإن اللام في الصلاة المكتوبة للعهد وهي الخمس ، ولم تكتب الخمس إلا على هذه الأمة ، وصوم رمضان من خصائص هذه الأمة كما أخرجه ابن جرير عن عطاء ، والحج ، والغسل من الجنابة من خصائصها أيضا كما تقدم في أثر وهب ، فدل على أن من لم يعمل هذه الأعمال لا يسمى مسلما ، والأمم السابقة لم تعملها فلا يسمون مسلمين .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية