الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          ومن عجز عن إظهار دينه بدار حرب يغلب فيها حكم الكفر زاد بعضهم : أو بلد بغاة أو بدعة كرفض واعتزال وطاق الهجرة لزمته ، ولو في عدة بلا راحلة ولا محرم ، وعلل القاضي الوجوب بتحريم الكسب عليه هناك ، لاختلاط الأموال ، لأخذهم من غير جهته ووضعه في غير حقه .

                                                                                                          قيل للقاضي : فيلزمه السفر إلى بلد غلبت البدع للإنكار ؟ فقال : يلزمه بلا مشقة . وذكر ابن الجوزي في قوله { فما لكم في المنافقين فئتين } عن القاضي : إن الهجرة كانت فرضا إلى أن فتحت مكة ، كذا قال .

                                                                                                          وفي عيون المسائل في الحج بمحرم : إن أمنت على نفسها من الفتنة في دينها لم تهاجر إلا بمحرم .

                                                                                                          وفي منتهى الغاية إذا أمكنها إظهار دينها وأمنتهم على نفسها لم يبح إلا بمحرم ، كالحج ، فإن لم تأمنهم جاز الخروج حتى وحدها بخلاف الحج . وتسن لقادر . وذكر أبو الفرج : تجب عليه ، وأطلق .

                                                                                                          وفي المستوعب : لا تسن لامرأة بلا رفقة ، ولا يعيد ما صلى من لزمته ، ولا يوصف العاجز عنها باستحباب .

                                                                                                          وقال ابن هبيرة في قول مجاشع بن مسعود السلمي [ ص: 198 ] للنبي صلى الله عليه وسلم عن أخيه مجالد يبايعك على الهجرة . فقال { لا هجرة بعد فتح مكة ولكن أبايعه على الإسلام والإيمان والجهاد } وللبخاري : قلت : بايعنا على الهجرة ، فقال { مضت الهجرة لأهلها } .

                                                                                                          ولمسلم { إن الهجرة مضت لأهلها ، ولكن على الإسلام والجهاد والخير } قال ابن هبيرة : إنما كانت الهجرة قبل فتح مكة إلى المدينة ليعبد الله مطمئنا ، فلما فتحت مكة كانت عبادة الله في كل موضع ، إذ لو فسح في الهجرة بعد فتح مكة لضاقت المدينة وخلت الأرض من سكانها ، كذا قال .

                                                                                                          ولا تجب الهجرة من بين أهل المعاصي ، وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله { إن أرضي واسعة } أن المعنى إذا عمل بالمعاصي في أرض فاخرجوا منها . وبه قال عطاء .

                                                                                                          وهذا خلاف قوله صلى الله عليه وسلم { من رأى منكم منكرا فليغيره بيده } الحديث وعلى هذا العمل

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          الخدمات العلمية