الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          فصل ومن أسر أسيرا حرم على الأصح قتله إن أمكنه أن يأتي به الإمام بضربه أو غيره ، وعنه التوقف في المريض ، وفيه وجهان ( م 4 ) ونقل [ ص: 212 ] أبو طالب : لا يخليه ولا يقتله ، ويحرم قتل أسير غيره ، ولا شيء عليه ، نص عليه .

                                                                                                          واختار الآجري لرجل قتله للمصلحة ، كقتل بلال أمية بن خلف أسير عبد الرحمن بن عوف أعانه عليه الأنصار ، وقال : من قتل أسيرا فلا شيء عليه ، وإن قتل امرأة أو صبيا عاقبه الأمير وغرم ثمنه غنيمة .

                                                                                                          وقال أبو داود : ( باب الأسير ينال منه ويضرب ) ثم روى حديث أنس { : لما انطلق النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه إلى بدر ، فإذا هو بروايا قريش فيها عبد أسود لبني الحجاج ، فأخذه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعلوا يسألونه : أين أبو سفيان ؟ فيقول : والله ما لي بشيء من أمره علم ، ولكن هذه قريش قد جاءت ، فإذا قال لهم ذلك ضربوه } ، وذكر الحديث ، وهو صحيح . قال الخطابي : فيه جواز ضرب الأسير الكافر إذا كان في ضربه طائل .

                                                                                                          [ ص: 211 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 211 ] مسألة 4 ) قوله : " ومن أسر أسيرا حرم على الأصح قتله إن أمكن أن يأتي به الإمام بضربه أو غيره ، وعنه الوقف في المريض ، وفيه وجهان " .

                                                                                                          اعلم أن الأسير إذا عجز عن الذهاب لمرض ونحوه فالصحيح من المذهب أنه يقتله ، اختاره الشيخ في المغني ، والشارح وابن رزين وغيرهم ، وصححه في الخلاصة وغيره ، وهو ظاهر ما قطع به في المقنع والوجيز وغيرهما ، وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين [ ص: 212 ] والحاويين وغيرهم ، وعنه التوقف فيه ، واقتصر عليها في الفصول ، وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب .

                                                                                                          ( تنبيهان ) :

                                                                                                          ( الأول ) الذي يظهر أن في كلام المصنف هنا نقصا بعد قوله " بضربه أو غيره " وتقديره ، " وإن لم يمكنه لامتناع مرض أو غيره قتله " ، وبهذا صرح الأصحاب وهو واضح .

                                                                                                          ( الثاني ) قوله " وعنه الوقف في المريض وفيه وجهان " ظاهره أن في المريض وجهين : القتل ، وتركه ، والأصحاب قد صرحوا أن فيه روايتين ، وصححوا القتل ، فيحتمل أن قوله " وفيه وجهان " عائد إلى الوقف ، يعني في توقف أحمد وجهان للأصحاب ، وهذا صحيح ، لكن كون هذا مراده هنا فيه بعد ، ويحتمل أن يكون هنا نقص أيضا وتقديره " وقيل فيه وجهان " فالنقص قيل ، ويقوي هذا قوله في الرعاية الكبرى ، " وعنه : الوقف فيه " وقيل : يحتمل وجهين : " تركه وقتله " ، انتهى ، فيكون فيه طريقان فيما يظهر ، والله أعلم .




                                                                                                          الخدمات العلمية