الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          2614 حدثنا أبو كريب حدثنا وكيع عن سفيان عن سهيل بن أبي صالح عن عبد الله بن دينار عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الإيمان بضع وسبعون بابا أدناها إماطة الأذى عن الطريق وأرفعها قول لا إله إلا الله قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح وهكذا روى سهيل بن أبي صالح عن عبد الله بن دينار عن أبي صالح عن أبي هريرة وروى عمارة بن غزية هذا الحديث عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الإيمان أربعة وستون بابا قال حدثنا بذلك قتيبة حدثنا بكر بن مضر عن عمارة بن غزية عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( الإيمان بضع وسبعون بابا ) وفي روايات الشيخين " شعبة " مكان بابا ، فالمراد بالباب هنا الشعبة وهي القطعة من الشيء والمراد الخصلة أو الجزء ، قاله الحافظ . والبضع بكسر الباء هو ما بين الثلاث إلى التسع أو إلى الخمس ، أو ما بين الواحدة إلى الرابعة أو من أربع إلى تسع أو هو سبع كذا في القاموس . اعلم أنه وقع في هذه الرواية بضع وسبعون ، ووقع في رواية البخاري في كتاب الإيمان بضع وستون ، وفي رواية لمسلم بضع وسبعون ، وفي أخرى له بضع وسبعون أو بضع وستون بالشك ووقع في الرواية الآتية أربعة وستون . قال الحافظ : وأما رواية الترمذي بلفظ أربع وستون فمعلولة ، وعلى صحتها لا تخالف رواية البخاري ، وترجيح رواية بضع وسبعون لكونها زيادة ثقة كما ذكره الحليمي ، ثم عياض لا يستقيم إذ الذي زادها لم يستمر على الجزم بها لا سيما مع اتحاد المخرج . وقد رجح ابن الصلاح الأقل لكونه المتيقن ( فأدناها ) أي أقربها منزلة وأدونها مقدارا ومرتبة بمعنى أقربها تناولا وأسهلها تواصلا من الدنو بمعنى القرب ، فهو ضد ؛ فلان بعيد المنزلة أي رفيعها أو من الدناءة أي أقلها فائدة لأنها دفع أدنى ضرر ( إماطة الأذى ) أي تنحيته وإبعاده ، والمراد بالأذى كل ما يؤذي من حجر ومدر أو شوك أو غيره ( وأرفعها قول لا إله إلا الله ) وفي رواية مسلم " أفضلها " مكان " أرفعها " . قال [ ص: 302 ] القاضي : قد نبه -صلى الله عليه وسلم- على أن أفضلها التوحيد المتعين على كل أحد والذي لا يصح شيء من الشعب إلا بعد صحته ، وأدناها ما يتوقع ضرره بالمسلمين من إماطة الأذى عن طريقهم ، وبقي بين هذين الطريقين أعداد لو تكلف المجتهد تحصيلها بغلبة الظن وشدة التتبع لأمكنه ، وقد فعل ذلك بعض من تقدم ، وفي الحكم بأن ذلك مراد النبي -صلى الله عليه وسلم- صعوبة ، ثم إنه لا يلزم معرفة أعيانها ، ولا يقدح جهل ذلك في الإيمان ، إذ إن أصول الإيمان وفروعه معلومة محققة والإيمان بأن هذا العدد واجب في الجملة ، انتهى .

                                                                                                          وقد صنف في تعيين هذه الشعب جماعة منهم الإمام أبو عبد الله الحليمي صنف فيها كتابا فسماه فوائد المنهاج ، والحافظ أبو بكر البيهقي وسماه شعب الإيمان ، والشيخ عبد الجليل أيضا سماه شعب الإيمان ، وإسحاق بن القرطبي وسماه كتاب النصائح ، والإمام أبو حاتم وسماه وصف الإيمان وشعبه ، قاله العيني . وقال الحافظ في الفتح : ولم يتفق من عد الشعب على نمط واحد ، وأقربها إلى الصواب طريقة ابن حبان لكن لم نقف على بيانه من كلامه ، وقد لخصت مما أورده ما أذكره ثم ذكره الحافظ بقوله : وهو أن هذه الشعب تتفرع من أعمال القلب وأعمال اللسان ، وأعمال البدن . فأعمال القلب فيها المعتقدات والنيات وتشتمل على أربع وعشرين خصلة إلخ .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) أخرجه الجماعة .




                                                                                                          الخدمات العلمية