الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وفي جواز تفرقة الخراج لربها روايتان ( م 4 ) ومصرف خراج كفيء ، وجزم به ابن شهاب وغيره بالمنع ، لافتقاره إلى اجتهاد ، لعدم تعيين مصرفه ، ولأن الخراج والغنيمة لمصالح المملكة ، لأن بها يجتمع الجند على باب السلطان ، فينفذ أوامر الشرع ، ويحمي البيضة ، ويمنع القوي من الضعيف ، فلو فرقه غيره تفرقوا أو زالت حشمته وطمع فيه ، فجر ذلك إلى الفساد والكلف التي تطلب من البلدان بحق أو غيره ، يحرم توفير [ ص: 246 ] بعضهم ، وجعل قسطه على غيره ، ومن قام فيها بنية العدل وتقليل الظلم مهما أمكن لله فكالمجاهد في سبيل الله .

                                                                                                          ذكره شيخنا ، قال في الأحكام السلطانية في كتاب الديوان : يعمل بما وثق به من خط أمناء الكتاب في الرسوم والحقوق ، لأنه العرف المعهود ، ويعمل في استيفاء الحق ممن وجب عليه بإقرار العامل يقبضه ، والذي عليه الدواوين أو بخطه المعروف والذي عليه الفقهاء إن أقر به وإلا لم يلزمه وإن أقر به وأنكر قبضه لزمه ذلك اعتبارا بالعرف ، ويتوجه وجه : لا ، ويعمل في استيفائه من العامل إن كانت خراجا إلى بيت المال بإقرار صاحب بيت المال [ وأما حفظه فكما تقدم ، وإن كانت خراجا في حقوق بيت المال ] فبتوقيع ولي الأمر ، وهو حجة للعامل في جواز الدفع فأما في الاحتساب به له فاحتمالان فإن شك كاتب الديوان في التوقيع عرضه على الموقع ، فإن أنكره لم يحتسب به للعامل ، ثم إن أمكن العامل أن يرجع رجع ، وإن لم يمكنه فطلب يمين الموقع ، فإن أنكر صحة الخراج لم يحلف ، وإن علمه لم يحلف في عرف السلطنة بل في حكم القضاء ، ومن ادعى دفع خراج ونفقة واحتج بتوقيع ولي الأمر فكما تقدم ، ويشترط أن لا يخرج من المال ، إلا ما علم صحته ، وأن لا يبتدئ به حتى يستدعي منه ، كالشهادة ، [ ص: 247 ] ويتوجه جواز الابتداء به ، والمستدعى لإخراج المال من نفذت توقيعاته ، فإذا وقع بإخراج مال لزم الأخذ به ، فإن استراب الموقع بإخراجه فله سؤال من أين أخرجه ، ويطالبه بإحضار شواهد الدين به ، وإن لم يجز للحاكم أن يسأل الشاهد عن سبب شهادته ، كذا قال ، والأشهر خلافه ، فإن أحضرها ووقع في نفسه صحتها فلا ريبة ، وإن ذكر أنه أخرجها من حفظه لتقدم علمه بها فقوله معلول ، ويخير الموقع في قبوله منه ورده عليه وليس له إحلافه .

                                                                                                          [ ص: 245 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 245 ] مسألة 4 ) قوله " وفي جواز تفرقة الخراج لربها روايتان " ، انتهى . قال القاضي أبو الحسن في التمام : اختلفت الرواية هل يجوز لرب الأرض أن يتولى تفرقة الخراج بنفسه ؟ على روايتين المنصوص منها يجوز ذلك ، انتهى .

                                                                                                          ( قلت ) : الصواب عدم الجواز لا سيما في هذه الأزمنة ، وكلامهم في كون القاضي يلي جبايته أو لا يليها يدل على ذلك ، والله أعلم . ومما يقوي ذلك ما قطع به ابن شهاب وغيره ، كما ذكره المصنف في المتن فإنه يتعلق بالمسألة لكن المصنف أدخل أن مصرف الخراج كالفيء بين الكلامين ، والذي يظهر أن قوله ، مصرف الخراج كالفيء ، محلها قبل قوله " وهو جواز تفرقة الخراج لربها روايتان " وهو واضح . [ ص: 246 ] تنبيه )

                                                                                                          قوله : " وهو حجة للعامل في جواز الدفع ، فأما في الاحتساب به له فاحتمالان " ، انتهى ، هذا من تتمة كلام القاضي في الأحكام السلطانية . فهذه أربع مسائل في هذا الباب .




                                                                                                          الخدمات العلمية