الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( إذ هم عليها قعود ( 6 ) وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود ( 7 ) وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد ( 8 ) ) .

يقول تعالى ذكره : النار ذات الوقود ؛ إذ هؤلاء الكفار من أصحاب الأخدود عليها ، يعني على النار ، فقال : عليها ، والمعنى : أنهم قعود على حافة الأخدود ، فقيل : على النار ، والمعنى : لشفير الأخدود ، لمعرفة السامعين معناه .

وكان قتادة يقول في ذلك ما حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ( النار ذات الوقود إذ هم عليها قعود ) يعني بذلك المؤمنين ، وهذا التأويل الذي تأوله قتادة على مذهب من قال : قتل أصحاب الأخدود من أهل الإيمان .

وقد دللنا على أن الصواب من تأويل ذلك غير هذا القول الذي وجه تأويله قتادة قبله .

وقوله : ( وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود ) يعني : حضور . [ ص: 343 ]

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود ) يعني بذلك الكفار .

وقوله : ( وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله ) يقول تعالى ذكره : وما وجد هؤلاء الكفار الذين فتنوا المؤمنين على المؤمنين والمؤمنات بالنار في شيء ، ولا فعلوا بهم ما فعلوا بسبب ، إلا من أجل أنهم آمنوا بالله ، وقال : ( إلا أن يؤمنوا بالله ) لأن المعنى إلا إيمانهم بالله ، فلذلك حسن في موضعه ( يؤمنوا ) ، إذ كان الإيمان لهم صفة ( العزيز ) . يقول : الشديد في انتقامه ممن انتقم منه ( الحميد ) يقول : المحمود بإحسانه إلى خلقه .

التالي السابق


الخدمات العلمية