الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وإن انتقل كتابي أو مجوسي إلى غير دينه فعنه إن لم يسلم قتل ، وعنه : ويقر بدينه الأول ، وعنه : يقر بأفضل منه ، كمجوسي تهود .

                                                                                                          وفي الوسيلة وجه : أو يهودي تنصر .

                                                                                                          وقال شيخنا : اتفقوا على التسوية بين اليهود والنصارى ، لتقابلهما وتعارضهما ، قال : ويسمون بهما قبل نسخ وتبديل ومؤمنين مسلمين ، قال : وإن اشترى اليهود نصرانيا فجعلوه يهوديا عزروا على جعله يهوديا ، ولا يكون إلا مسلما ، وعنه يقر بدين يقر أهله ، وعنه : إن لم يكن دون الأول ( م 1 - 4 ) وعلى غير الأولى : متى لم يقر وأصر [ ص: 263 ] عليه فإن كان دون الأول قتل .

                                                                                                          وفي استتابته وجهان ( م 5 ) وإلا ضرب وحبس .

                                                                                                          [ ص: 260 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 260 ] باب عقد الذمة

                                                                                                          ( مسألة 1 - 4 ) قوله : " وإن انتقل كتابي أو مجوسي إلى غير دينه ، فعنه : [ ص: 261 ] إن لم يسلم قتل ، وعنه : ويقر بدينه الأول ، وعنه يقر بأفضل منه ، كمجوسي تهود . وعنه : يقر بدين يقر أهله عليه ، وعنه : إن لم يكن دون الأول " ، انتهى . في ضمن كلام المصنف أربع مسائل :

                                                                                                          ( المسألة الأولى 1 ) إذا انتقل كتابي إلى دين كتابي ، مثل أن يتهود نصراني أو يتنصر يهودي فهل يقر مطلقا ، أو يقر على ما هو أفضل من دينه ، أو لا يقر ولا يقبل منه إلا الإسلام أو السيف ، أو لا يقر ولا يقبل منه إلا الإسلام أو الدين الذي كان عليه ؟ فيه روايات :

                                                                                                          ( إحداهن ) : لا يقر ولا يقبل منه إلا الإسلام أو الدين الذي كان عليه ، قال ابن منجى في شرحه : هذا المذهب ، وجزم به في الوجيز وغيره ، وقدمه في الهداية والخلاصة والمقنع وإدراك الغاية وغيرهم .

                                                                                                          ( والرواية الثانية ) : لا يقر ولا يقبل منه إلا الإسلام فقط ، وهو احتمال في المقنع .

                                                                                                          ( والرواية الثالثة ) : يقر مطلقا ، وهو ظاهر كلام الخرقي ، واختاره الخلال وصاحبه أبو بكر ، وقدمه في الرعايتين والحاويين والنظم وغيرهم ، وأطلقهن في الشرح .

                                                                                                          ( والرواية الرابعة ) : يقر على أفضل من دينه ، كيهودي تنصر ، في وجه في الوسيلة .

                                                                                                          وقال الشيخ تقي الدين : اتفقوا على التسوية بين اليهود والنصارى لتقابلهما وتعارضهما .

                                                                                                          ( قلت ) : الصواب أن دين النصرانية أفضل من دين اليهودية الآن وأطلقهن في المحرر وتجريد العناية .

                                                                                                          ( المسألة الثانية 2 ) إذا انتقل الكتابي إلى دين غير أهل الكتاب ، فهل يقر على دين يقر أهله عليه ، كما لو تمجس ، أو لا يقر مطلقا ; فيه روايتان :

                                                                                                          ( إحداهما ) : لا يقر ، وهو الصحيح ، نص عليه ، قال الشيخ الموفق والشارح : لا نعلم فيه خلافا ، وقطع به في المقنع ، وابن منجى في شرحه ، وصاحب الوجيز وغيرهم ، وقدمه في الرعايتين والحاويين .

                                                                                                          ( والرواية الثانية ) : يقر على دين يقر أهله عليه ، وهو قول في الرعاية وغيرها ، فعلى المذهب : لا يقبل منه إلا إسلام أو السيف ، وهو الصحيح ، نص عليه ، واختاره الخلال وصاحبه ، وجزم به في المقنع وشرح ابن منجى ، وقدمه في الرعايتين والحاويين ، وعنه : لا يقبل منه إلا الإسلام أو الدين الذي كان عليه ، وعنه : يقبل منه أحد ثلاثة [ ص: 262 ] أشياء : الإسلام ، أو الدين الذي كان عليه أو دين أهل الكتاب . وأطلقهن في المغني والمحرر والشرح والمصنف .

                                                                                                          ( المسألة الثالثة 3 ) إذا انتقل مجوسي إلى دين أهل الكتاب ، فهل يقر ، أم لا يقبل منه إلا الإسلام ، أو لا يقبل منه إلا الإسلام أو الدين الذي كان عليه ، فيه روايات :

                                                                                                          ( إحداهن ) يقر عليه ، وهو الصحيح ، نص عليه ، قال ابن منجى في شرحه : هذا المذهب ، وهو احتمال في المقنع .

                                                                                                          ( والرواية الثالثة ) : لا يقبل منه إلا الإسلام أو الدين الذي كان عليه ، وهو قول في الرعايتين ، وأطلقهن في المغني والمحرر والشرح .

                                                                                                          ( قلت ) : ينبغي على الرواية الثالثة أن يقبل منه الدين الذي انتقل إليه ، لأنا إذا قبلنا منه الدين الذي كان عليه فلئن نقبل منه الدين الذي انتقل إليه بطريق أولى ، لأنه أعلى من دينه ، والله أعلم .

                                                                                                          ( المسألة الرابعة 4 ) إذا انتقل مجوسي إلى غير دين أهل الكتاب لم يقر ، وهل لا يقبل منه إلا الإسلام ، أو دين أهل الكتاب ، أو لا يقبل منه إلا الإسلام أو دينه ، أو لا يقبل منه إلا الإسلام فقط ، فيه روايات :

                                                                                                          ( إحداهن ) لا يقبل منه إلا الإسلام فقط ، وهو الصحيح ، اختاره الخلال وصاحبه ، وجزم به في المقنع وشرح ابن منجى والرعايتين والحاويين ، والمغني ذكره عند قول الخرقي : وإذا تزوج كتابية فانتقلت إلى دين آخر .

                                                                                                          ( والرواية الثانية ) : لا يقبل منه إلا الإسلام أو الدين الذي كان عليه .

                                                                                                          ( والرواية الثالثة ) : لا يقبل منه إلا الإسلام أو دينه الذي كان عليه ، أو دين أهل الكتاب ، وأطلقهن في الشرح .

                                                                                                          ( تنبيه )

                                                                                                          ظهر مما تقدم أن في إطلاق المصنف في بعض المسائل نظرا ، كما ترى ، وأن ظاهر كلامه يشمل ما لو انتقل إلى دين غير دين أهل الكتاب والمجوس ، وليس الأمر كذلك ، والله أعلم . [ ص: 263 ]

                                                                                                          ( مسألة 5 ) قوله : وعلى غير الأولى متى لم يقر وأصر [ عليه ] فإن كان دون الأول قتل .

                                                                                                          وفي استتابته وجهان ، انتهى . وأطلقهما في المغني والشرح .

                                                                                                          ( أحدهما ) : يستتاب ، وهو الصواب .

                                                                                                          ( والوجه الثاني ) : يقتل من غير استتابة ، وهو ضعيف .




                                                                                                          الخدمات العلمية