الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            واعلم أنه لو استأجره لقراءة القرآن فقرأ جنبا ولو ناسيا لم يستحق شيئا إذ القصد بالاستئجار لها حصول ثوابها لأنه أقرب إلى نزول الرحمة وقبول الدعاء عقبها ،والجنب لا ثواب له على قراءته بل على قصده في صورة النسيان ، كمن صلى بنجاسة ناسيا لا يثاب على أفعال الصلاة المتوقفة على الطهارة ، بل على ما لا يتوقف عليها كالقراءة والذكر والخشوع وقصده فعل العبادة مع عذره ، فيحمل إطلاق إثابة الجنب الناسي على إثابته على القصد فقط . وإثابته لا تحصل غرض المستأجر المذكور ، ويؤيد عدم الاعتداد بقراءته نفي سنية سجود التلاوة لها كما مر ، وقولهم لو نذرها فقرأ جنبا لم يجزئه إذ القصد من النذر التقرب لا المعصية : أي ولو في الصورة لتدخل قراءة الناسي فلا يتقرب بها ، وبه فارق البر بقراءة الجنب سواء أنص في حلفه على القراءة وحدها أم مع الجنابة ، ويلغو النذر إن نص عليها فيه مع الجنابة ، والأوجه أنه لو استأجره لتعليم القرآن استحق وإن كان جنبا لأن الثواب هنا غير مقصود بالذات وإنما المقصود التعليم وهو حاصل مع الجنابة ، ولو ترك من القراءة المستأجر عليها آيات فالأوجه لزوم قراءة ما تركه ولا يلزمه استئناف ما بعده ، وأنه لو استأجره لقراءة على قبر لا يلزمه عند الشروع أن ينوي أن ذلك عما استؤجر عنه بل الشرط عدل الصارف ، ولا ينافيه تصريحهم في النذر باشتراط نيته أنها عنه لأن هنا قرينة صارفة لوقوعها عما استؤجر له بخلاف ما ذكر ثم ، ويؤخذ منه أنه لو استؤجر [ ص: 295 ] لمطلق القراءة وصححناه احتاج إلى النية فيما يظهر .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : سجود التلاوة لها ) أي لقراءة الجنب ( قوله : لو نذرها ) أي القراءة ( قوله : ويلغو ) مستأنف ( قوله : إن نص عليها ) أي القراءة ( قوله : وإن كان جنبا ) وصورة المسألة أن يلزم ذمته التعليم أو يستأجر عينه ، ولا ينص على أن يقرأه جنبا فيتفق له الجنابة ويعلم معها ، بخلاف ما لو استأجر عينه وهو جنب ليعلمه فلا يصح . لأن ما ذكر ثم عقد على معصية وهو فاسد . لا يقال : المؤجر يتمكن من التعليم بقصد الذكر . لأنا نقول : قصده للذكر إنما يمنع من كون المأتي به قرآنا حين التعليم وإن حصل به المقصود للمتعلم والاستئجار للتعليم إنما أورده على كون المعلم قرآنا فهو تنصيص من المستأجر على فعل المعصية ( قوله ولو ترك من القراءة إلخ ) .

                                                                                                                            [ فرع ] أفتى شيخنا الرملي بجواز كتابة القرآن بالقلم الهندي ، وقياسه جوازه بنحو التركي أيضا .

                                                                                                                            [ فرع آخر ] الوجه جواز تقطيع حروف القرآن في القراءة في التعليم للحاجة إلى ذلك ا هـ سم على حج ( قوله : ولا يلزمه استئناف ما بعده ) أي فلو لم يقرأ سقط ما يقابل المتروك من المسمى ( قوله : لوقوعها ) متعلق بصارفة [ ص: 295 ] قوله : وصححناه ) أي وهو الراجح .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : لوقوعها ) متعلق بصارفة ، وقوله : عما استؤجر له متعلق بوقوعها : أي أنها تصرف القراءة لما استؤجر له عن غيره ( قوله : ويؤخذ أنه لو استؤجر [ ص: 295 ] لمطلق القراءة وصححناه ) أي خلاف ما مر من الحصر في الصور الأربع




                                                                                                                            الخدمات العلمية