الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      رسولا يتلو عليكم آيات الله مبينات ليخرج الذين آمنوا وعملوا الصالحات من الظلمات إلى النور ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا قد أحسن الله له رزقا

                                                                                                                                                                                                                                      رسولا منه أو لأنه مذكور في السموات وفي الأمم أو أريد بالذكر الشرف كما في قوله تعالى: وإنه لذكر لك ولقومك كأنه في نفسه شرف إما لأنه شرف للمنزل عليه وإما لأنه ذو مجد وشرف عند الله تعالى كقوله تعالى: عند ذي العرش مكين أو هو النبي عليه الصلاة والسلام - وعليه الأكثر- عبر عنه بالذكر لمواظبته على تلاوة القرآن أو تبليغه والتذكير به وعبر عن إرساله بالإنزال بطريق الترشيح أو لأنه مسبب عن إنزال الوحي إليه وأبدل منه رسولا للبيان أو هو القرآن و"رسولا" منصوب بمقدر مثل أرسل أو بـ"ذكرا" على إعمال المصدر المنون أو بدل منه على أنه بمعنى الرسالة وقوله تعالى: يتلو عليكم آيات الله مبينات نعت لـ"رسولا" و"آيات الله": القرآن و"بينات" حال منها أي: حال كونها مبينات لكم ما تحتاجون إليه من الأحكام، وقرئ "مبينات" أي: بينها الله تعالى لقوله تعالى: " قد بينا لكم الآيات " ، واللام في قوله تعالى: ليخرج الذين آمنوا وعملوا الصالحات متعلقة بـ"يتلو" أو بـ"أنزل" وفاعل "يخرج" على الأول ضمير الرسول عليه الصلاة والسلام أو ضمير الجلالة والموصول عبارة عن المؤمنين بعد إنزاله أي: ليحصل لهم الرسول أو الله عز وعلا ما هم عليه الآن من الإيمان والعمل الصالح أو ليخرج من علم أو قدر أنه سيؤمن. من الظلمات إلى النور من الضلالة إلى الهدى. ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا حسبما بين في تضاعيف ما أنزل من الآيات المبينات. يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار وقرئ "ندخله" بالنون، وقوله تعالى: خالدين فيها أبدا حال من مفعول "يدخله" والجمع باعتبار معنى من كما أن الإفراد في الضمائر الثلاثة باعتبار لفظها. وقوله تعالى: قد أحسن الله له رزقا حال أخرى منه أو من الضمير في "خالدين" بطريق التداخل وإفراد ضمير له قد مر وجهه وفيه معنى التعجب والتعظيم لما رزقه الله المؤمنين من الثواب.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 265 ]

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية