الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      2990 حدثنا محمد بن عيسى حدثنا عنبسة بن عبد الواحد القرشي قال أبو جعفر يعني ابن عيسى كنا نقول إنه من الأبدال قبل أن نسمع أن الأبدال من الموالي قال حدثني الدخيل بن إياس بن نوح بن مجاعة عن هلال بن سراج بن مجاعة عن أبيه عن جده مجاعة أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم يطلب دية أخيه قتلته بنو سدوس من بني ذهل فقال النبي صلى الله عليه وسلم لو كنت جاعلا لمشرك دية جعلت لأخيك ولكن سأعطيك منه عقبى فكتب له النبي صلى الله عليه وسلم بمائة من الإبل من أول خمس يخرج من مشركي بني ذهل فأخذ طائفة منها وأسلمت بنو ذهل فطلبها بعد مجاعة إلى أبي بكر وأتاه بكتاب النبي صلى الله عليه وسلم فكتب له أبو بكر باثني عشر ألف صاع من صدقة اليمامة أربعة آلاف برا وأربعة آلاف شعيرا وأربعة آلاف تمرا وكان في كتاب النبي صلى الله عليه وسلم لمجاعة بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من محمد النبي لمجاعة بن مرارة من بني سلمى إني أعطيته مائة من الإبل من أول خمس يخرج من مشركي بني ذهل عقبة من أخيه [ ص: 168 ]

                                                                      التالي السابق


                                                                      [ ص: 168 ] ( كنا نقول إنه ) : أي عنبسة بن عبد الواحد ( من الأبدال ) في الجامع الصغير للإمام السيوطي برواية الطبراني في معجمه الكبير عن عبادة بن الصامت : الأبدال في أمتي ثلاثون : بهم تقوم الأرض وبهم تمرطون وبهم تنصرون قال المناوي في شرح الجامع الصغير بإسناد صحيح . والأبدال جمع بدل بفتحتين ووجه تسميتهم بالأبدال أنه كلما مات رجل منهم أبدل الله مكانه رجلا كما رواه الإمام أحمد في مسنده عن عبادة بإسناد صحيح [ كما قال العزيزي في شرح الجامع الصغير للسيوطي وكذا المناوي في شرحه ] بلفظ : الأبدال في هذه الأمة ثلاثون رجلا قلوبهم على قلب إبراهيم خليل الرحمن كلما مات رجل أبدل الله مكانه رجلا ( قبل أن نسمع أن الأبدال من الموالي ) في الجامع الصغير برواية الحاكم في كتاب السكنى والألقاب عن عطاء مرسلا : الأبدال من الموالي قال المناوي تمامه : ولا يبغض الموالي إلا منافق . ومن علامتهم أيضا أنهم لا يولد لهم وأنهم لا يلعنون شيئا .

                                                                      قال المناوي : وهو حديث منكر . انتهى . والمعنى أنا كنا نعد عنبسة بن عبد الواحد القرشي من الأبدال لأنه كان من العابدين والذاكرين وعباد الله الصالحين قبل أن نسمع في ذلك الباب شيئا ، فلما سمعنا أن الأبدال يكون من الموالي أي من السادات الأشراف تحقق له أنه من الأبدال لأنه عابد أموي قرشي فأي شيء أعظم منه لسيادته وشرافته . وفي معناه تأويل آخر يقول محمد بن عيسى إنا نعده من الأبدال لزهده وعبادته لكن لما سمعنا أن الأبدال يكون من الموالي أي بمعنى العبد رجعنا عن ذلك القول وعلمنا أن شرط الأبدال أن يكون من الموالي . وعنبسة ليس من الموالي بل هو قرشي من أولاد سعيد بن العاص الأموي ، وهذا تأويل ضعيف .

                                                                      وقد ورد في الأبدال غير ما ذكر ، أخرج الطبراني عن عوف بن مالك : الأبدال في أهل الشام وبهم ينصرون وبهم يرزقون قال المناوي : إسناده حسن وأخرج أحمد في مسنده عن علي : الأبدال بالشام وهم أربعون رجلا كلما مات رجل أبدل الله مكانه رجلا يسقى بهم الغيث وينتصر بهم على الأعداء ويصرف عن أهل الشام بهم العذاب قال المناوي : إسناده حسن . [ ص: 169 ] وقد جاء في هذا عدة أخبار منها ما هو ضعيف وما هو موضوع ، وللصوفية في هذا الباب كلام طويل لكن ليس عليه دليل ولا برهان بل هو من التخيلات المحضة والله أعلم .

                                                                      ( حدثني الدخيل ) بفتح أوله وكسر المعجمة مذكور من السادسة ( عن جده مجاعة ) ضم الميم وتشديد الجيم ( ولكن سأعطيك منه عقبى ) قال الخطابي : معنى العقبى العوض ، ويشبه أن يكون أعطاه ذلك تألفا له أو لمن وراءه من قومه على الإسلام والله أعلم . انتهى

                                                                      ( عقبة من أخيه ) أي عوضا منه .

                                                                      قال المنذري : قيل مجاعة هذا لم يرو عنه غير ابنه سراج بن مجاعة وهو بضم الميم وتشديد الجيم وفتحها وخففها بعضهم وبعد الألف عين مهملة وتاء تأنيث ، وسلمى بضم السين المهملة وسكون اللام في بني حنيفة ، وسدوس هذا بفتح السين وضم الدال المهملتين وواو ساكنة وسين مهملة في بكر بن وائل ، وسدوس بالفتح أيضا سدوس بن دارم في تميم . وقال ابن حبيب : كل سدوس في العرب فهو مفتوح السين إلا سدوس بن أصبغ .

                                                                      واعلم أن المؤلف ما أورد في هذا الباب ، أي باب قسم الخمس أحاديث تستوعب جميع أحكامه فأذكر إن شاء الله تعالى كلاما مشبعا في آخر الباب الآتي ولا أبالي إن تكرر بعض المطالب .




                                                                      الخدمات العلمية