الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وإن اجتمعت موجبات للوضوء أو الغسل متنوعة قيل معا وقيل أو متفرقة ( م 6 ) فنوى أحدها ، وقيل : وعلى أن لا يرتفع غيره ارتفع غيره في الأصح ( و م ش ) ويجب تقديمها على المفروض ، ويستحب على المستحب ، واستصحاب ذكرها ، ويجزئ استصحاب حكمها ، وهو أن لا ينوي قطعها ، ويجوز تقديمها بزمن يسير كالصلاة .

                                                                                                          ثم يسمي وهل هي فرض أو واجبة تسقط سهوا ؟ فيه روايتان ( م 7 ) وإن ذكر في بعضه [ ص: 144 ] ابتدأ وقيل بنى وعنه تستحب ( و ) اختاره الخرقي وابن أبي موسى والشيخ وذكره المذهب ، ويسن غسل كفيه ثلاثا والمنصوص ولو تيقن طهارتهما . ويجب على الأصح ( خ ) من نوم ليل ناقض للوضوء وقيل زائد على النصف وقيل ونهار . وغسلهما تعبد كغسل الميت فتعتبر النية والتسمية في الأصح .

                                                                                                          والأصح لا يجزئ عن نية غسلهما نية الوضوء وأيهما طهارة مفردة لا من الوضوء وقيل معلل بوهم النجاسة كجعل العلة في النوم استطلاق الوكاء بالحدث وهو مشكوك فيه وقيل لمبيت يده ملابسة للشيطان وهو لمعنى فيهما فلو استعمل الماء ولم يدخل يده في الإناء لم يصح وضوءه وفسد الماء وقيل وذكره أبو الحسين رواية لإدخالهما الإناء فيصح . ثم يغسل وجهه وهو فرض إجماعا من منابت شعر الرأس إلى النازل من اللحيين والذقن طولا وما بين الأذنين فيجب غسل ما بين العذار والأذن ( م ) في حق الملتحي . والفم والأنف منه فتجب المضمضة والاستنشاق وعنه في الكبرى ( و هـ ) وعنه عكسها نقلها الميموني وعنه يجب الاستنشاق وحده وعنه يجب في الوضوء ذكرها [ ص: 145 ] صاحب الهداية والمحرر وعنه عكسها ذكرها ابن الجوزي وفي تسميتها فرضا وسقوطها سهوا روايتان ( م 8 - 9 ) وعنه هما سنة ( و م ش ) كانتثاره وعنه تجب في الصغرى ذكره ابن حزم قال عبد الله قال أبي : روي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { استنثروا مرتين بالغتين أو ثلاثا } قال أبي وأنا أذهب

                                                                                                          [ ص: 146 ] إلى هذا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو مأخوذ من النثرة وهي طرف الأنف ، وهما في ترتيب وموالاة كغيرهما وعنه لا وعنه : لا في ترتيب . ويسن تقديم المضمضة عليه والأصح للشافعية تجب ويتوجه لنا مثله على قولنا لم يدل القرآن عليه وكذا تقديمها على بقية الوجه وقيل يجب ( و ش ) وتسن المبالغة فيهما إلى أقاصيهما وفي الرعاية أو أكثره لا في استنشاق فقط ، خلافا لابن الزاغوني وعنه تجب ، وقيل في استنشاق ، ويكره للصائم ، وحرمه أبو الفرج .

                                                                                                          [ ص: 143 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 143 ] ( مسألة 6 ) قوله وإن اجتمعت موجبات للوضوء أو الغسل متنوعة قيل معا وقيل أو متفرقة انتهى .

                                                                                                          ( قلت ) ظاهر كلامه في المقنع والتلخيص وشرح المجد وابن عبيدان وابن منجى والفائق والحاويين وغيرهم يشمل المتفرقة والمجتمعة قال ابن تميم وإن اجتمع سببان يقتضيان الغسل أو الوضوء فتطهر لها صح انتهى .

                                                                                                          ( قلت ) وعلى هذا أكثر الأصحاب ( والقول الثاني ) يشترط أن توجد معا قال في الرعايتين وإن نوى أحداثه التي نقضت وضوءه معا انتهى ( قلت ) هذا في الحقيقة هو الصواب لأن وجود الثاني لا يسمى والحالة هذه حدثا لأن الحدث هو الناقض للطهارة وليس هنا طهارة ينقضها لكن على هذا يضعف المذهب وهو كون أكثر الأصحاب لم يقيدوا بذلك وقد قالوا يرتفع فكان على هذا التعليل ينبغي أن لا يرتفع الحدث إلا إذا نوى الأول لا غير وقد زاد في الرعاية على ما تقدم فقال إن أمكن اجتماعها ارتفعت كلها ، وقيل ما نواه وحده ، وقيل وغيره إن سبق أحدها ونواه انتهى .

                                                                                                          ( مسألة 7 ) قوله ثم يسمي وهل هي فرض أو واجبة تسقط سهوا ؟ فيه روايتان انتهى وأطلقهما الزركشي ( أحدهما ) هي واجبة تسقط سهوا ؟ وهو الصحيح نص عليه في رواية أبي داود واختاره القاضي في التعليق وابن عقيل والشيخ الموفق والشارح وغيرهم وجزم به في المذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والإفادات وغيرهم وقدمه [ ص: 144 ] في التلخيص ومختصر ابن تميم والحاويين وشرح ابن رزين وغيرهم ( والرواية الثانية ) : هي فرض لا تسقط سهوا اختاره أبو الخطاب وابن عبدوس المتقدم والمجد وابن عبد القوي في مجمع البحرين وابن عبيدان وغيرهم وجزم به في المنور وغيره وقدمه في المحرر وغيره . [ ص: 145 ]

                                                                                                          ( مسألة 8 و 9 ) ثم يغسل وجهه والفم والأنف منه وفي تسميتها فرضا وسقوطهما سهوا روايتان انتهى ، ذكر مسألتين :

                                                                                                          ( المسألة الأولى 8 ) إذا قلنا : بوجوبها هل يسميان فرضا أم لا ؟ أطلق الخلاف وأطلقه ابن تميم وصاحب الفائق والقواعد الأصولية .

                                                                                                          ( المسألة 9 ) هل يسقطان سهوا يعني على القول بالوجوب فيما يظهر أم لا أطلق الخلاف فيه وأطلقه في الحاويين ، وإذا علمت ذلك فقد قال الشيخ الموفق وتبعه الشارح : هذا الخلاف مبني على اختلاف الروايتين في الواجب هل يسمى فرضا أم لا والصحيح أنه يسمى فرضا فيسميان فرضا انتهى وقال ابن عقيل هما واجبان لا فرضا وقال الزركشي حيث قيل بالوجوب فتركهما أو أحدهما ولو سهوا لم يصح وضوءه قاله الجمهور وقال في الرعاية الكبرى لا يسقطان سهوا على الأشهر وقدمه في الرعاية الصغرى وهذا هو الصحيح والمعتمد وقال ابن الزاغوني إن قيل وجوبهما بالسنة صح مع السهو وحكي عن الإمام أحمد في ذلك روايتان ( إحداهما ) : وجوبهما بالكتاب ( والثانية ) : بالسنة انتهى ( قلت ) نص الإمام أحمد في رواية أبي داود وابن إبراهيم أنهما لا يسميان فرضا وإنما يسميان سنة مؤكدة أو واجبا ونقل بكر بن محمد : إن تركهما يعيد كما أمر الله تعالى ، وهذا يدل على تسميتها فرضا .




                                                                                                          الخدمات العلمية