الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      تنبيه:

                                                                                                                                                                                                                                      استدل بعموم الآية من قال: إن انتقال الملك ببيع أو إرث أو غير ذلك يقطع النكاح .

                                                                                                                                                                                                                                      عن ابن مسعود قال: إذا بيعت الأمة ولها زوج فسيدها أحق ببضعها، وعنه: بيع الأمة طلاقها.

                                                                                                                                                                                                                                      وروي ذلك أيضا عن أبي بن كعب ، وجابر ، وابن عباس - رضي الله عنهم - قالوا: بيعها طلاقها.

                                                                                                                                                                                                                                      وروى ابن جرير ، عن ابن عباس قال: طلاق الأمة ست: بيعها طلاقها، وعتقها طلاقها، وهبتها طلاقها، وبراءتها طلاقها، وطلاق زوجها طلاقها.

                                                                                                                                                                                                                                      كذا قرأته في تفسير ابن كثير ، ولا يخفى أن المعدود خمسة، ولعل السادس بيع زوجها، حيث قال بعد ذلك: وروى عوف عن الحسن : بيع الأمة طلاقها وبيعه طلاقها ، فهذا قول هؤلاء من السلف، وحجتهم عموم الاستثناء في قوله تعالى: إلا ما ملكت أيمانكم

                                                                                                                                                                                                                                      والجمهور على أن بيع الأمة ليس طلاقا لها، واحتجوا بحديث بريرة المخرج في الصحيحين وغيرهما، فإن عائشة أم المؤمنين اشترتها وأعتقتها ولم ينفسخ نكاحها من زوجها مغيث، بل خيرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين الفسخ والبقاء، فاختارت الفسخ، وقصتها مشهورة، فلو كان [ ص: 1184 ] بيع الأمة طلاقها لما خيرت، وتخييرها دال على أن المراد من الآية المسبيات فقط، وبالجملة فالجمهور قصروا الآية على السبب الذي نزلت فيه.

                                                                                                                                                                                                                                      قال الرازي : وهو يرجع إلى تخصيص عموم القرآن بخبر الواحد، أي: وهو مقبول ومعمول به في غيرما موضع، كنصاب السرقة، وفي التنبيه الآتي زيادة لهذا فتأثره.

                                                                                                                                                                                                                                      فائدة:

                                                                                                                                                                                                                                      اتفق القراء على فتح الصاد في: " المحصنات : هنا، ويقرأ بالفتح والكسر في غير هذا الموضع، وكلاهما مشهور، فالفتح على أنهن أحصن بالأزواج أو بالإسلام، والكسر على أنهن أحصن فروجهن أو أزواجهن، واشتقاق الكلمة من الإحصان وهو المنع.

                                                                                                                                                                                                                                      كتاب الله مصدر مؤكد، أي: كتب الله عليكم تحريم هؤلاء كتابا وفرضه فرضا، فالزموا كتابه ولا تخرجوا عن حدوده وشرعه وأحل لكم عطف على: حرمت عليكم ما وراء ذلكم إشارة إلى ما ذكر من المحرمات المعدودة، أي: أحل لكم نكاح ما سواهن.

                                                                                                                                                                                                                                      أن تبتغوا مفعول له، أي: أحل لكم إرادة أن تبتغوا، أو بدل من (ما) أي: ابتغاء النساء بأموالكم أي: بصرفها إلى مهورهن محصنين حال من فاعل (تبتغوا) والإحصان: العفة، وتحصين النفس عن الوقوع فيما يوجب اللوم غير مسافحين غير زانين، والسفاح الزنى والفجور، من السفح وهو الصب؛ لأنه لا غرض للزاني إلا سفح النطفة، وكان أهل الجاهلية إذا خطب الرجل المرأة، قال: انكحيني، فإذا أراد الزنى قال: سافحيني.

                                                                                                                                                                                                                                      قال الزجاج : المسافحة أن تقيم امرأة مع رجل على الفجور من غير تزويج صحيح.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية